الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ولو ابتدأ الجاني فقتل رجلا ، ثم قطع يد آخر اقتص من يده بالقطع ، ثم من نفسه بالقتل ويقدم القطع وإن تأخر عن القتل وإن تقدم ، بخلاف القتيلين في تقديم الأسبق فالأسبق ، لأنه لا يمكن استيفاء القود في القتيلين ، فقدم أسبقهما ، ويمكن استيفاء القود في اليد والنفس فربما على الوجه الذي يمكن استيفاؤهما .

                                                                                                                                            ولو قدم القتل سقط القطع ، وإذا قدم القطع لم يسقط القتل ، فلذلك قدم القطع وإن تأخر على القتل وإن تقدم ، ولكن مثال القتلين من الأطراف أن يقطع طرفين متماثلين من اثنين مثل أن تقطع من رجل يمنى يديه ، ومن آخر يمنى يديه فلا يمكن استيفاء القصاص من اليد الواحدة ، فيقدم الاقتصاص منها لأسبقهما كالقتلين لتعذر القصاص ، فإن عفا الأول اقتص منها للثاني .

                                                                                                                                            [ ص: 123 ] فإن قيل فالمقتول كان كامل الأطراف ، فوجب أن يقتص له من نفس كاملة الأطراف .

                                                                                                                                            قيل : كمال النفوس لا يعتبر بكمال الأطراف ، لأن القاتل لو كان كامل الأطراف والمقتول ناقص الأطراف قتل به مع كمال أطرافه ولو كان القاتل ناقص الأطراف والمقتول كامل الأطراف قتل به ولا شيء له في زيادة أطرافه : لأن دية النفس وإن نقصت أطرافها كدية النفس وإن كملت أطرافها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية