الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل :

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يخبر بإبطال اللوث بالأسباب المتقدمة من لا تقبل شهادته ، فهذا على ضربين : [ ص: 47 ] أحدهما : أن يكون أخبار آحاد يحتمل التواطؤ ، فلا تبطل بها القسامة ، والحكم فيها على نفوذه : لأنه لما لم يثبت بهذا الخبر ابتداء اللوث ، لم يبطل بها ما ثبت من اللوث .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن تكون أخبارا منتشرة ينتفي عنها حد التواطؤ ، ولا تبلغ حد الاستفاضة ، فيبطل بها اللوث ، وينقض الحكم بالقسامة : لأنه لما ثبت بها ابتداء اللوث جاز أن يبطل بها ما تقدم من اللوث ، ولم تبطل بها الدعوى في جميع الأسباب ، بخلاف الشهادة ؛ لأن الشهادة توجب الحكم في الابتداء ، فجاز أن تبطل بها الدعوى ، وهذا الخبر لا يوجب الحكم في الابتداء فلم تبطل به الدعوى ، وصارت الدعوى متجردة عن لوث ، فكان القول فيهما قول المدعى عليه مع يمينه ، وفي أيمانه قولان - على ما مضى - :

                                                                                                                                            أحدهما : خمسون يمينا .

                                                                                                                                            والثاني : يمين واحدة ، فإن حلف برئ ، وإن نكل ردت على المدعي ، ولا يجزئه ما تقدم من أيمانه في القسامة : لتقدمها على استحقاقها . فأما إن أقر رجل أنه هو القاتل دون هذا المدعى عليه ، لم تبطل به القسامة : لأنه ليس بشاهد ، ولا يحكم عليه بالقتل : لأنه أقر لغير مطالب ، وفي سماع الدعوى عليه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا تسمع الدعوى عليه : لإكذابهما بالدعوى على الأول ، لكن يصير تجديد الدعوى عليه مبطلا للقسامة مع الأول .

                                                                                                                                            والقول الثاني : تسمع الدعوى على الثاني : لأن الدعوى في القسامة على الأول كانت بغلبة الظن ، وإقرار الثاني يقين ، فلم يسقط حكم اليقين بغلبة الظن . ولو أقر بالقتل وقامت البينة أنه كان وقت القتل غائبا ، لم تسمع البينة : لأنه أكذبها بإقراره . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية