الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 435 ] باب صفة السوط

                                                                                                                                            قال الشافعي رحمه الله : " يضرب المحدود بسوط بين السوطين لا جديد ولا خلق " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وأما الضرب المشروع فيستحق من وجهين :

                                                                                                                                            حد وتعزير .

                                                                                                                                            فأما الحد المشروع فثلاثة حدود : حد الزنا مائة جلدة . وحد القذف ثمانون جلدة . وحد الخمر أربعون .

                                                                                                                                            وأما حد الزنا والقذف : فيستوفى بالسوط ، وبه ورد الشرع .

                                                                                                                                            وأما حد الخمر : فقد ذكرنا فيه وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : بالسوط .

                                                                                                                                            والثاني : بالثياب والنعال والأيدي .

                                                                                                                                            وأما ضرب التعزير : فموقوف على اجتهاد الإمام : لأن تعزيره عن اجتهاد ، فيجوز أن يضرب بالثياب والنعال ، ويجوز أن يضرب بالسوط .

                                                                                                                                            فأما صفة السوط الذي تقام به الحدود : فهو بين السوطين لا جديد فيتلف ، ولا خلق لا يؤلم : لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بزان فدعا بالسوط ، فأتي بسوط جديد لم تكسر ثمرته ، فقال : دون هذا . فأتي بسوط قد لان وانكسر . فقال : فوق هذا . فأتي بسوط بين السوطين لا جديد ولا خلق ، فحده به ، ثم قال : أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن محارم الله ، فمن أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله : فإنه من يبد لنا صفحته نقم حد الله عليه .

                                                                                                                                            روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : ضرب بين ضربين ، وسوط بين سوطين .

                                                                                                                                            فأما صفة الضرب : فلا يكون شديدا قاتلا ، ولا ضعيفا لا يردع ، فلا يرفع باعه [ ص: 436 ] فينزل من عل ، ولا يخفض ذراعه فيقع من أسفل ، فيمد عضده ويرفع ذراعه : ليقع الضرب معتدلا .

                                                                                                                                            قال ابن مسعود : لا يرفع ذراعه في الضرب فيرى بياض إبطه .

                                                                                                                                            فأما السوط في ضرب التعزير : فإن لم يكن دون سوط الحد لم يكن فوقه . وقال أبو عبد الله الزبيري : يجوز أن يضرب في التعزير بسوط لم تكسر ثمرته فوق سوط الحد ، ويكون صفة الضرب فيه أعلى من صفته في الحد : لأن ذنوب التعزيز مختلفة ، فجاز أن يكون الضرب مختلفا . وهذا خطأ : لأن الحدود أغلظ ، فلما كان التعزير دونها في القدر لم يجز أن يكون فوقها في الصفة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية