الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما ما عدا الطعام والعلوفة من الثياب والدواب والآلة والمتاع فجميعه غنيمة مشتركة يمنع منها ، وإن احتاج إليها ، فإن لبس ثوبا منها فأخلقه ، أو ركب دابة فهزلها : استرجع ذلك منه ولزمه أجرة مثله ، وغرم نقصه كالغاصب .

                                                                                                                                            روى رويفع بن ثابت الأنصاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا خلق رده فيه ، ولأن المضطر في دار الإسلام يستبيح أكل الطعام دون الثياب ، فكذلك المجاهد في دار [ ص: 169 ] الحرب فإن اشتدت ضرورة بعض المجاهدين إلى ثوب يلبسه استأذن فيه الإمام ، وأعطاه من الثياب ما يدفع به ضرورته ، ويكون محسوبا عليه من سهمه ، وإذا نفقت دابته أو قتلت في المعركة لم يستحق بدلها من المغنم ، كما لو مات المجاهد أو قتل لم يلزم غرم ديته ، فإن اشتدت ضرورته إلى ما يركبه لقتال أو غيره ، استأذن الإمام حتى يعطيه إما من خمس الخمس نفلا ، وإما من الغنيمة سلفا من سهمه ، يفعل منها ما يؤديه اجتهاده إليه ، فإن شرط لهم الإمام أن من قتل فرسه في المعركة كان له مثلها أو ثمنها ، جاز ليحرضهم على الإقدام ، ووفى بشرطه ودفع إليهم مثلها أو ثمنها بحسب الشرط ، ولم يقتصر على حكم ضمان المستهلك في غرم قيمة الدابة ، وجاز له أن يعدل إلى المثل والثمن : لأن ذلك من عموم المصالح التي يتسع حكمها ، ويكون ما يدفعه من ذلك من خمس الخمس ، سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المعد للمصالح العامة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية