الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا حرم التفرقة بينهما ، ففرق بينهما ببيع ، ففي بطلان البيع وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : - وهو مذهب البغداديين - أن البيع باطل ، وبه قال أبو يوسف ، لرواية الحكم ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن علي - عليه السلام - " أنه فرق بين جارية وبين ولدها ، فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ورد البيع " .

                                                                                                                                            وروى ابن أبي ذئب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قدم أبو أسيد بسبي من البحرين ، فصفوا لينظر إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فرأى امرأة تبكي ، فقال : ما لك [ ص: 245 ] تبكين ؟ قالت : بيع ولدي في بني عبس فقال لأبي أسيد : لتركبن ولتجيئن به كما بعته .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : - وهو مذهب البصريين - أن البيع صحيح ، وبه قال أبو حنيفة : لأن النهي لمعنى في غير المعقود عليه ، كالنهي عن البيع في وقت الجمعة ، وأن يبيع الرجل على بيع أخيه ، لكن لا يقر المتبايعان على التفرقة بينهما ، ويقال للمشتري والبائع : إن تراضيتما ببيع الآخر لتجتمعا في الملك كان البيع الأول ماضيا ، وإن تمانعتما فسخ البيع الأول بينكما ، ليجمع بينهما ، وعلى هذا يحمل فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه فسخ البيع ، لتعذر الجمع دون فساد العقد ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية