الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " أو استوفى حقه فيما يرى فوجد في دنانيره زجاجا أو نحاسا حنث في قول من لا يطرح الغلبة والخطأ عن الناس لأن هذا لم يعمده " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : إذا استوفى حقه في الظاهر ثم وجد فيه بعد فراقه نحاسا أو [ ص: 386 ] رصاصا أو زجاجا لم يعلم به صار فيه كالمغلوب والناسي ، فيكون في حنثه قولان .

                                                                                                                                            أحدهما : يحنث اعتبارا بوجود الفعل واطراحا للقصد .

                                                                                                                                            والقول الثاني : لا يحنث اعتبارا بالقصد واطراحا للفعل .

                                                                                                                                            وأما إذا وجده معيبا ، وهو من جنس الحق فهو على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون عيبها يخرجها من انطلاق اسم الحق عليها ؛ لأن حقه دنانير مغربية ، فأعطاه دنانير مشرقية ، فتكون خلاف الصفة في اليمين جاريا مجرى خلاف الجنس ، فإن علم به قبل فراقه حنث ، وإن لم يعلم به إلا بعد فراقه كان حنثه على ما مضى من القولين .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون عيبها لا يخرجها من انطلاق اسم الحق عليها ، بأن تكون دنانير مغربية لكنها معيبة نظر ، فإن كان عيبها مما يسمح به في الأغلب لقلة أرشه بر في يمينه ، وإن كان ضد ذلك لكثرة أرشه حنث .

                                                                                                                                            فإن قيل : نقصان القدر موجب للحنث فيما قل وكثر ، فهلا كان نقصان الأرش بمثابته في وقوع الحنث بما قل أو كثر قيل : لأن نقصان القدر مستحق يمنع من التماثل في الربا ، ونقصان الأرش مظنون لا يمنع من التماثل في الربا ، ويمنع من البر في اليمين .

                                                                                                                                            فإن قيل : فهذا ينكسر بكثير الأرش لا يمنع من التماثل في الربا ويمنع من البر في اليمين ، قيل : لأن الظن في كثيره أقوى ، وفي قليله أضعف فافترقا في بر اليمين ، وإن استويا في تماثل الربا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية