الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : حكي عن بعض الفقهاء أنه كره أن يقول المستسقي في دعائه اللهم أمطرنا ، وزعم أن الله تعالى لم يذكر المطر في كتابه إلا للعذاب ، فقال تعالى : وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين [ الشعراء : 173 ] . وهذا عندنا غير مكروه لرواية أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الاستسقاء ومد يديه بسطا : اللهم أمطرنا .

                                                                                                                                            [ ص: 524 ] قال الشافعي : وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بالحديبية في أثر سماء كانت من الليل : " أتدرون ما قال ربكم عز وجل ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : يقول : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بالكواكب ، ومؤمن بالكواكب وكافر بي ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله عز وجل ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب ، ومن قال مطرنا بنوء كذا في دركم مؤمن بالكواكب وكافر بي .

                                                                                                                                            قال الشافعي : معناه على ما كانت الجاهلية تعتقد أن النوء هو المطر فكانوا كفارا بذلك ، والنوء : هو النجم الذي يسقط في المغرب ويطلع مكانه في المشرق ، فعلى هذا إذا قال : العبد مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك إيمان بالله تعالى ؛ لأنه لا يمطر ولا يفعل إلا بالله سبحانه ، وأما من قال مطرنا بنوء كذا على ما كان أهل الشرك يعتقدونه من إضافة المطر إليه وأنه هو الماطر ، فهذا كافر ، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم لأن النوء وقت أو نجم ، وهو مخلوق لا يملك لنفسه ولا غيره شيئا من ضرر أو نفع ، فأما من قال مطرنا بنوء كذا يعني : أنا مطرنا في وقت نوء كذا ، فإن ذلك لا يكون كفرا ، كقوله مطرنا في شهر كذا ؛ لأن الله تعالى قد جعل العادة أن يمطر في هذه الأوقات ، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا أنشأت نجدية ثم استحالت شامية فذلك عين عذيقة يعني فيما أجراه الله تعالى من العادة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية