الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الشرط الثالث : الإلزام ، فلو وقف بشرط الخيار ، أو قال : وقفت بشرط [ ص: 329 ] أني أبيعه ، أو أرجع فيه متى شئت ، فباطل ، واحتجوا له بأنه إزالة ملك إلى الله سبحانه وتعالى ، كالعتق ، أو إلى الموقوف عليه ، كالبيع والهبة ، وعلى التقديرين ، فهذا شرط مفسد . لكن في فتاوى القفال أن العتق لا يفسد بهذا الشرط ، وفرق بينهما بأن العتق مبني على الغلبة ، والسراية . وعن ابن سريج ، أنه يحتمل أن يبطل الشرط ، ويصح الوقف . ولو وقف على ولده ، أو غيره بشرط أن يرجع إليه إذا مات ، فهو باطل على المذهب . وعن البويطي أنه على قولين أخذا من مسألة العمري . ولو وقف وشرط لنفسه أن يحرم من شاء ، أو يقدم أو يؤخر ، فالشرط فاسد على الأصح . هذا إذا أنشأ الوقف بهذا الشرط ، فلو أطلقه ، ثم أراد أن يغير ما ذكره بحرمان ، أو زيادة ، أو تقديم ، أو تأخير ، فليس له قطعا . فإن صححنا شرطه لنفسه ، فشرطه لغيره ، ففاسد على الأصح . وإن أفسدناه ، ففي فساد الوقف خلاف مبني على أن الوقف كالعتق ، أم لا ؟ هذا مجموع ما حضرني من كتب الأصحاب . والذي قطع به جمهورهم بطلان الشرط ، والوقف في هذه الصور كلها ، وشذ الغزالي ، فجعل هذه الصور ثلاث مراتب .

                                                                                                                                                                        الأولى : وقفت بشرط أن أرجع متى شئت ، أو أحرم المستحق ، وأحول الحق إلى غيره متى شئت ، ففاسد . الثانية : بشرط أن أغير قدر المستحق للمصلحة ، فهو جائز . الثالثة : يقول : أغير تفصيله ، فوجهان ، وهذا الترتيب لا يكاد يوجد لغيره ، ثم فيه لبس ، فإن التحويل المذكور في الأولى هو التغير المذكور في الثانية ، والمذهب ما ذكره الجمهور . فصل

                                                                                                                                                                        لو شرط الواقف أن لا يؤجر الوقف ، فأوجه . أصحها : يتبع شرطه كسائر [ ص: 330 ] الشروط . والثاني : لا ، لتضمنه الحجر على مستحقي المنفعة . والثالث : إن منع الزيادة على سنة اتبع ، لأنه من مصالحه ، وإن منع مطلقا ، فلا . فإن أفسدنا الشرط ، فالقياس فساد الوقف به . وقال الشيخ أبو عاصم : إذا شرط أن لا يؤجر أكثر من سنة ، لم يخالف . وقيل : إن كان الصلاح في الزيادة زيد ، وهذا تصحيح للوقف مع فساد الشرط .

                                                                                                                                                                        قلت : ليس هذا فسادا للشرط مطلقا ، بخلاف مسألتنا . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية