الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        في التشهد والجلوس له .

                                                                                                                                                                        هما ضربان .

                                                                                                                                                                        أحدهما : أن يقعا في آخر الصلاة ، وهما فرضان .

                                                                                                                                                                        والثاني : في أثنائها ، وهما سنتان ، ثم لا يتعين للقعود هيئة للإجزاء ، بل كيف قعد أجزأه . لكن السنة في قعود آخر الصلاة التورك ، وفي أثنائها الافتراش .

                                                                                                                                                                        والافتراش : أن يضع رجله اليسرى بحيث يلي ظهرها الأرض ، ويجلس عليها ، وينصب اليمنى ، ويضع أطراف أصابعها على الأرض متوجهة إلى القبلة .

                                                                                                                                                                        والتورك : أن يخرج رجليه وهما على هيئة الافتراش من جهة يمينه ، ويمكن وركه من الأرض ، وإذا جلس المسبوق في آخر صلاة الإمام ، فثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                        الصحيح المنصوص الذي قطع به الجماهير : يفترش .

                                                                                                                                                                        والثاني : يتورك ، والثالث : إن كان جلوسه محل تشهد للمسبوق ، افترش ، وإلا تورك ؛ لأن جلوسه بمجرد المتابعة ، فيتابع في الهيئة .

                                                                                                                                                                        وإذا جلس من عليه سجود سهو في آخر صلاته ، افترش على الصحيح ، وتورك على [ ص: 262 ] الثاني ، والسنة في التشهدين جميعا : أن يضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ، واليمنى على فخذه اليمنى ، وينشر أصابع اليسرى ويجعلها قريبة من طرف الركبة ، بحيث يساوي رؤوسها الركبة ، وهل يفرجها أو يضمها ؟ وجهان :

                                                                                                                                                                        الأشهر : يفرج تفريجا مقتصدا ، ولا يؤمر بالتفريج الفاحش في موضع ما ، والثاني : يضمها ليتوجه إلى القبلة .

                                                                                                                                                                        قلت : هذا الثاني ، أصح ، وقد نقل الشيخ أبو حامد في تعليقه اتفاق الأصحاب عليه . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وأما اليد اليمنى فيضعها على طرف الركبة اليمنى ويقبض خنصرها ، وبنصرها ، ويرسل المسبحة ، وفيما يفعل بالإبهام والوسطى ثلاثة أقوال :

                                                                                                                                                                        أحدها : يقبض الوسطى مع الخنصر والبنصر ، ويرسل الإبهام مع المسبحة .

                                                                                                                                                                        والثاني : يحلق بين الإبهام والوسطى ، وفي كيفية التحليق ، وجهان :

                                                                                                                                                                        أصحهما : يحلق بينهما برأسيهما ، والثاني : يضع أنملة الوسطى بين عقدتي الإبهام ، والقول الثالث ، وهو الأظهر : أنه يقبضهما أيضا ، وفي كيفية وضع الإبهام على هذا وجهان :

                                                                                                                                                                        أصحهما : يضعها بجنب المسبحة ، كأنه عاقد ثلاثة وخمسين ، والثاني : يضعها على أصبعه الوسطى ، كأنه عاقد ثلاثة وعشرين ، وكيف فعل من هذه الهيئات ، فقد أتى بالسنة . قاله ابن الصباغ وغيره ، وعلى الأقوال كلها ، يستحب أن يرفع مسبحته في كلمة الشهادة ، إذا بلغ همزة : ( إلا الله ) وهل يحركها عند الرفع ؟ وجهان :

                                                                                                                                                                        الأصح : لا يحركها ، ولنا وجه شاذ : أنه يشير بها في جميع التشهد .

                                                                                                                                                                        قلت : وإذا قلنا بالأصح : إنه لا يحركها فحركها ، لم تبطل صلاته على الصحيح .

                                                                                                                                                                        وتكره الإشارة بمسبحة اليسرى ، حتى لو كان أقطع اليمنى ، لم يشر بمسبحة اليسرى لأن سنتها البسط دائما . والله أعلم . .

                                                                                                                                                                        [ ص: 263 ] فرع :

                                                                                                                                                                        التشهد الذي يعقبه السلام واجب كما تقدم ، وتجب فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وسلم قولان ، وقيل : وجهان :

                                                                                                                                                                        الصحيح المشهور أنها سنة ، والثاني واجبة ، وهل تسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول ؟ قولان :

                                                                                                                                                                        أظهرهما : تسن وإلا ، فعلى القولين في الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا قلنا : لا تسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الأول ، ولا في القنوت ، فأتى بها في أحدهما ، أو أوجبنا الصلاة على الآل في الأخيرة ، ولم نسنها في الأول ، فأتى بها فيه ، فقد نقل ركنا إلى غير موضعه ، وفي بطلان الصلاة بذلك ، كلام يأتي في باب سجود السهو إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                        وآل النبي صلى الله عليه وسلم بنو هاشم وبنو المطلب . نص عليه الشافعي رحمه الله ، وفي وجه : أنهم كل المسلمين .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية