الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 202 ] فرع : وأما الدعاء للميت ، والصدقة عنه ، فينفعانه بلا خلاف .

                                                                                                                                                                        وسواء في الدعاء والصدقة ، الوارث والأجنبي .

                                                                                                                                                                        قال الشافعي رحمه الله : وفي وسع الله تعالى أن يثيب المتصدق أيضا .

                                                                                                                                                                        قال الأصحاب : فيستحب أن ينوي المتصدق الصدقة عن أبويه ، فإن الله تعالى ينيلهما الثواب ، ولا ينقص من أجره شيئا .

                                                                                                                                                                        وذكر صاحب " العدة " : أنه لو أنبط عينا ، أو حفر نهرا ، أو غرس شجرة ، أو وقف مصحفا في حياته ، أو فعله غيره عنه بعد موته ، يلحق الثواب الميت .

                                                                                                                                                                        واعلم أن هذه الأمور إذا صدرت من الحي ، فهي صدقات جارية ، يلحقه ثوابها بعد الموت كما صح في الحديث ، وإذا فعل غيره عنه بعد موته ، فقد تصدق عنه .

                                                                                                                                                                        والصدقة عن الميت تنفعه ، ولا يختص الحكم بوقف المصحف ، بل يجري في كل وقف .

                                                                                                                                                                        وهذا القياس يقتضي جواز التضحية عن الميت ؛ لأنها ضرب من الصدقة .

                                                                                                                                                                        وقد أطلق أبو الحسن العبادي جواز التضحية عن الغير ، وروى فيه حديثا .

                                                                                                                                                                        لكن في " التهذيب " أنه لا تجوز التضحية عن الغير بغير إذنه ، وكذلك [ عن ] الميت ، إلا أن يكون أوصى به .

                                                                                                                                                                        فرع : وما عدا هذه القرب ، ينقسم إلى صوم وغيره ، فأما الصوم ، فلا يتطوع به عن الميت .

                                                                                                                                                                        وفي قضاء واجبه عنه قولان سبقا في الصيام .

                                                                                                                                                                        الجديد : المنع .

                                                                                                                                                                        [ ص: 203 ] والقديم : أن لوليه أن يصوم عنه .

                                                                                                                                                                        وعلى هذا ، لو أوصى إلى أجنبي ليصوم ، كان كالولي .

                                                                                                                                                                        ولو مرض بحيث لا يرجى برؤه ، ففي الصوم عنه وجهان تشبيها بالحج .

                                                                                                                                                                        وأما غير الصوم ، كالصلاة عنه قضاء أو غيره ، وقراءة القران ، فلا ينفعه .

                                                                                                                                                                        واستثنى صاحب التلخيص من الصلاة ركعتي الطواف ، وقال : يأتي بهما الأجير عن المحجوج عنه تبعا للطواف .

                                                                                                                                                                        فوافقه بعض الأصحاب ، وقال بعضهم : يقع عن الأجير وتبرأ ذمة المحجوج عنه بما يفعل ، والأول أصح .

                                                                                                                                                                        فرع : الذي يعتاد من قراءة القرآن على القبر ، قد ذكرنا في كتاب الإجارة طريقين لعود فائدتها إلى الميت .

                                                                                                                                                                        وعن القاضي أبي الطيب طريق ثالث ، وهو أن الميت كالحي الحاضر ، فترجى له الرحمة ووصول البركة إذا وصل الثواب إلى القارئ .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية