الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الركن الثاني : الموصي ، فإن كانت الوصاية في قضاء الديون وتنفيذ الوصايا ، صحت من كل حر مكلف . وإن كانت في أمور الأطفال ، اشترط مع ذلك أن يكون للموصي ولاية على الموصى في حقه من الصبيان والمجانين ابتداء من الشرع ، لا بتفويض ، وفيه مسائل .

                                                                                                                                                                        [ ص: 314 ] إحداها : أن الوصي هل يوصي ؟ فيه صور .

                                                                                                                                                                        إحداها : ليس للموصي في الوصاية المطلقة أن يوصي .

                                                                                                                                                                        الثانية : قال : أوصيت إليك إلى أن يبلغ ابني فلان ، أو يقدم من سفره ، فإذا بلغ أو قدم ، فهو الوصي . أو قال : أوصيت إليك سنة وبعدها وصيي فلان ، فالمذهب صحته ، وبه قطع الجمهور ، وتحتمل الوصية التعليق كما تحتمل الجهالات والأخطار . وحكى الحناطي وآخرون فيه خلافا كتعليق الوكالة ، وبالمنع أجاب الروياني فقال : لو قال : إذا مت فقد أوصيت إليك ، لا يجوز ، بخلاف قوله : أوصيت إليك إذا مت . ولو قال : أوصيت إليك ، فإذا حضرك الموت فقد أوصيت [ إلى من أوصيت ] إليه ، أو فوصيك وصيي ، فباطلة على الأظهر . وقيل : قطعا . وقيل : صحيحة قطعا .

                                                                                                                                                                        الثالثة : أوصى إلى زيد ، وأذن له في الوصاية ، نظر ، إن لم يعين ، بل قال : أوص بتركتي إلى من شئت ، فأوصى بها إلى شخص ، صح على الأظهر . وقيل : قطعا . وإن عين فقال : أوص بها إلى فلان ، فكذلك . وقيل : تصح قطعا ، لأنه قطع اجتهاده ، فصار كقوله : أوصيت بعده إلى فلان .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو أطلق فقال : أوص إلى من شئت ، أو إلى فلان ، ولم يضف إلى نفسه ، فهل يحمل على الوصاية عنه حتى يجيء فيه الخلاف ؟ أم يقطع بأنه لا يوصي عنه ؟ فيه وجهان حكاهما البغوي ، وقال : الأصح الثاني .

                                                                                                                                                                        المسألة الثانية : لا يجوز نصب وصي على الأولاد البالغين العقلاء ؛ لأنه لا يلي أمرهم . وأما المجانين ، فتجوز الوصاية في أمرهم كالصبيان ، وله نصب الوصي لقضاء [ ص: 315 ] الدين والوصايا . وإذا نصبه لذلك ، لم يتمكن من إلزام الورثة تسليم التركة لتباع في الدين ، بل لهم إمساكها وقضاء الدين من مالهم . فلو امتنعوا من التسليم والقضاء من عندهم ، ألزمهم أحد الأمرين . هذا إذا أطلق الوصاية بقضاء الدين . فإن قال : ادفع هذا العبد إليه عوضا عن دينه ، فينبغي أن لا يكون للورثة إمساكه ؛ لأن في أعيان الأموال أغراضا . ولو قال : بعه واقض الدين من ثمنه ، فيجوز أن لا يكون لهم الإمساك أيضا ؛ لأنه قد يكون أطيب .

                                                                                                                                                                        المسألة الثالثة : لا يجوز للأب نصب الوصي في حياة الجد على الصحيح ؛ لأن ولايته ثابتة شرعا كولاية التزويج . هذا في أمر الأطفال ، فأما في قضاء الديون والوصايا ، فله ذلك ، ويكون الوصي أولى من الجد . ولو لم ينصب وصيا ، فأبوه أولى بقضاء الدين وأمر الأطفال ، والحاكم أولى بتنفيذ الوصايا ، كذا نقله البغوي وغيره .

                                                                                                                                                                        الرابعة : ليس لغير الأب والجد الوصاية في أمر الأطفال ، ولا للأم إلا على قول الإصطخري في أنها تلي فتوصي .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية