الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        في مسائل منثورة

                                                                                                                                                                        إحداها : جاء رجل فطلب إثبات اسمه في الديوان ، أجابه الإمام : إن وجد في المال سعة وفي الطالب أهلية ، وإلا ، فلا .

                                                                                                                                                                        [ المسألة ] الثانية : لا يحبس شيء من مال الفيء خوفا أن ينزل بالمسلمين نازلة ، بل يفرغ الجميع في الوقت المعين . ثم إن نزلت نازلة ، فعلى جميع المسلمين القيام بأمرها . فإن غشيهم العدو ، فعلى جميعهم أن ينفروا .

                                                                                                                                                                        [ المسألة ] الثالثة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : يرزق من مال الفيء الحكام وولاة الأحداث والصلاة ، وكل من قام بأمر الفيء من وال وكاتب وجندي لا يستغني أهل الفيء عنهم . والمراد بالحكام : الذين يحكمون بين أهل الفيء في مغزاهم . وولاة الأحداث ، قيل : هم الذين يعلمون أحداث أهل الفيء الفروسية والرمي ، وقيل : هم الذين ينصبون في الأطراف لتولية القضاة وسعاة الصدقات وعزلهم وتجهيز الجيوش إلى الثغور وحفظ البلاد من أهل الفساد ونحوها من الأحداث . وولاة الصلاة : الذين يقيمون لهم الجمعات والجماعات ، وكذلك يرزق عرفاء أهل الفيء . وإذا وجد من يتطوع بهذه الأعمال ، لم يرزق عليها غيره .

                                                                                                                                                                        [ المسألة ] الرابعة : يجوز أن يكون عامل الفيء من ذوي القربى . قال الماوردي - رحمه الله - : عامل الفيء إن ولي وضع أموال الفيء وتقديرها وتقريرها اشترط كونه مسلما حرا مجتهدا عارفا بالحساب والمساحة . وإن ولي جباية أمواله بعد تقريرها ، سقط [ ص: 367 ] الشرط الثالث . وإن ولي جباية نوع خاص من الفيء ، نظر ، إن لم يستغن فيه عن استنابة ، اشترط إسلامه وحريته واطلاعه بشرط ما ولي من حساب ومساحة ، لما فيه من معنى الولاية . وإن استغنى عن الاستنابة ، جاز أن يكون عبدا ؛ لأنه كالرسول المأمور . وأما تولية الذمي ، فإن كانت جباية من أهل الذمة كالجزية وعشر التجار ، جازت . وإن كانت من المسلمين ، ففي جوازها وجهان .

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح المنع . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وإذا فسدت ولاية العامل ، وقبض المال مع فسادها ، برئ الدافع ، لبقاء الإذن . فلو نهي عن القبض بعد فسادها لم يبرأ الدافع إليه إن علم النهي ، وإن جهله ، فوجهان ، كالوكيل .

                                                                                                                                                                        قلت : قال الماوردي : إذا تأخر العطاء عن المثبتين في الديوان عند استحقاقهم ، وكان المال حاصلا ، فلهم المطالبة كالديون . وإن أعوز بيت المال ، كانت أرزاقهم دينا على بيت المال ، وليس لهم مطالبة ولي الأمر به . قال : وإذا أراد ولي الأمر إسقاط بعضهم لسبب ، جاز ، وبغير سبب ، لا يجوز .

                                                                                                                                                                        وإذا أراد بعضهم إخراج نفسه من الديوان ، جاز إن استغنى عنه ، ولا يجوز مع الحاجة ، إلا أن يكون معذورا . قال : وإذا جرد الجيش للقتال ، فامتنعوا وهم أكفاء من حاربهم ، سقطت أرزاقهم . وإن ضعفوا عنه ، لم تسقط . وإذا جرد أحدهم لسفر ، أعطي نفقة سفره إن لم يدخل في تقدير عطائه ، ولم يعط إن دخل فيه . وإذا تلف سلاحه في الحرب ، أعطي عوضه إن لم يدخل في تقدير عطائه ، وإلا ، فلا . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية