الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إذا سها المأموم خلف الإمام ، لم يسجد ، ويتحمل الإمام سهوه . ولو سها بعد سلام الإمام لم يتحمل ، لانقطاع القدوة ، وكذا المأموم الموافق ، إذا تكلم ساهيا عقب سلام الإمام . وكذا المنفرد إذا سها في صلاته ، ثم دخل في جماعة ، وجوزنا ذلك ، فلا يتحمل الإمام سهوه ذلك . أما إذا ظن المأموم أن الإمام سلم فسلم ، ثم بان أنه لم يسلم ، فسلم معه ، فلا سجود عليه ، لأنه سها في حال القدوة . ولو تيقن في التشهد أنه ترك الركوع أو الفاتحة من ركعة ناسيا ، فإذا سلم الإمام ، لزمه أن يأتي بركعة أخرى ، ولا يسجد للسهو ، لأنه سها في حال الاقتداء . ولو سلم الإمام ، فسلم المسبوق سهوا ، ثم تذكر ، بنى على صلاته ، وسجد ، لأن سهوه بعد انقطاع القدوة . ولو ظن المسبوق أن الإمام سلم ، بأن سمع صوتا ظنه سلامه ، فقام ليتدارك ما عليه ، وكان ما عليه ركعة مثلا ، فأتى بها وجلس ، ثم علم أن الإمام لم يسلم بعد تبين أن ظنه كان خطأ ، فهذه الركعة غير معتد بها . لأنها مفعولة في غير موضعها ، فإن وقت التدارك بعد انقطاع القدوة ، فإذا سلم الإمام ، قام إلى التدارك ، ولا يسجد للسهو لبقاء حكم القدوة . ولو كانت المسألة بحالها ، فسلم الإمام وهو قائم ، فهل يجوز له أن يمضي في صلاته ، أم يجب عليه أن يعود إلى القعود ، ثم يقوم ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        [ ص: 312 ] قلت : أصحهما : الثاني . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        فإن جوزنا المضي ، فلا بد من إعادة القراءة . فلو سلم الإمام في قيامه ، لكنه لم يعلم به حتى أتم الركعة . إن جوزنا المضي ، فركعته محسوبة ، ولا يسجد للسهو . وإن قلنا : عليه القعود ، لم يحسب ، ويسجد للسهو للزيادة بعد سلام الإمام . ولو كانت المسألة بحالها ، وعلم في القيام أن الإمام لم يسلم بعد ، فقال إمام الحرمين : إن رجع ، فهو الوجه ، وإن أراد أن يتمادى وينوي الانفراد قبل سلام الإمام ، ففيه الخلاف في قطع القدوة . فإن منعناه ، تعين الرجوع . وإن جوزناه ، فوجهان أحدهما : يجب الرجوع . لأن نهوضه غير معتد به ، فيرجع ، ثم يقطع القدوة إن شاء . والثاني : لا يجب الرجوع ، لأن النهوض ليس مقصودا لعينه ، وإنما المقصود القيام فما بعده . هذا كلام الإمام . فلو لم يرد قطع القدوة ، فمقتضى كلام الإمام : وجوب الرجوع . وقال الغزالي : هو مخير ، إن شاء رجع ، وإن شاء انتظر قائما سلام الإمام . وجواز الانتظار قائما مشكل ، للمخالفة الظاهرة . فإن كان قرأ قبل تبين الحال ، لم يعتد بقراءته في جميع هذه الأحوال ، بل عليه استئنافها .

                                                                                                                                                                        قلت : الصحيح : وجوب الرجوع في الحالتين . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية