الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الباب الثالث في بيان الألفاظ الملزمة ومقتضاها .

                                                                                                                                                                        فيه أطراف .

                                                                                                                                                                        الأول : في الألفاظ الملزمة وفيه مسائل .

                                                                                                                                                                        إحداها : صيغة المعاوضة ملزمة ، فإذا قال : طلقتك ، أو أنت طالق على ألف ، فقبلت ، صح الخلع ولزم الألف . ولو قال : أنت طالق وعليك ألف ، أو لي [ ص: 404 ] عليك ألف ، نظر ، إن لم يسبقه استيجاب بل ابتدأ الزوج به ، وقع الطلاق رجعيا قبلت أم لا ، ولا مال ، بخلاف قولها : طلقني ولك علي ألف فأجابها فإنه يقع بائنا بالألف ؛ لأن المتعلق بها من عقد الخلع الالتزام ، فيحمل لفظها عليه ، والزوج ينفرد بالطلاق .

                                                                                                                                                                        فإذا لم يأت بصيغة المعاوضة ، حمل على ما ينفرد به وصيغته خبر .

                                                                                                                                                                        فلو قال : أردت بقولي : وعليك ألف الإلزام وقصدت ما يقصده القائل بقوله : طلقتك على ألف ، لم يصدق .

                                                                                                                                                                        فإن وافقته ، فوجهان .

                                                                                                                                                                        أحدهما : لا يؤثر توافقهما ؛ لأن اللفظ لا يصلح للإلزام .

                                                                                                                                                                        وأصحهما : يؤثر فتبين بالألف .

                                                                                                                                                                        فعلى الأول لا يحلف على نفي العلم إذا أنكرت ؛ لأنها لو صدقته لم تؤثر .

                                                                                                                                                                        وعلى الثاني ، يحلف . ومقتضى الثاني انعقاد البيع بقوله : بعتك ولي عليك [ كذا ] ، تفريعا على انعقاد البيع بالكناية ، أما إذا سبق استيجاب ، فإن لم تذكر عوضا بأن قالت : طلقني ، فحكمه كما لو لم تطلب .

                                                                                                                                                                        وإن ذكرته مبهما بأن قالت : طلقني ببدل ، فإن عين الزوج البدل في الجواب فقال : طلقتك وعليك ألف ، فهو كما لو ابتدأ فقال : طلقتك على ألف ، فإن قبلت ، بانت بالألف ، وإلا فلا طلاق .

                                                                                                                                                                        وإن أبهم الجواب فقال : طلقتك بالبدل ، أو طلقتك ، بانت بمهر المثل . وإن عينت البدل ، فقالت : طلقني ، فقال : طلقتك وعليك ألف ، بانت بالألف وذكر المتولي أنه لو لم يسبق منها طلب ، وشاع في العرف استعمال هذا اللفظ في طلب العوض وإلزامه ، كان كقوله : طلقتك على ألف .

                                                                                                                                                                        ولو اختلفا ، فقال الزوج : طلبت مني الطلاق ببدل . فقلت في جوابك : أنت طالق وعليك ألف ، فقالت : بل ابتدأت فلا شيء لك ، صدقت بيمينها في نفي العوض ولا رجعة له لقوله .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية