الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الباب السادس في تعليق الطلاق

                                                                                                                                                                        وهو جائز قياسا على العتق ، وقد ورد الشرع بتعليقه في التدبير .

                                                                                                                                                                        [ ص: 115 ] وإن علقه ، لم يجز له الرجوع فيه ، وسواء علقه بشرط معلوم الحصول ، أو محتمله ، لا يقع الطلاق إلا بوجود الشرط في النوعين .

                                                                                                                                                                        ولا يحرم الوطء قبل وجود الشرط ووقوع الطلاق .

                                                                                                                                                                        وإذا علق بصفة ، ثم قال : عجلت تلك الطلقة المعلقة ، لم تتعجل على الصحيح . وحكى الشيخ أبو علي وغيره وجها ، أنها تعجل . فإذا قلنا بالصحيح فأطلق وقال : عجلت لك الطلاق ، سألناه ، فإن قال : أردت تلك الطلقة ، صدقناه بيمينه ولم يتعجل شيء ، وإن أراد طلاقا مبتدءا ، وقع طلقة في الحال .

                                                                                                                                                                        قلت : وإن لم يكن له نية ، لم يقع في الحال شيء . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        ولو عقب لفظ الطلاق بحرف شرط ، فقال : أنت طالق إن ، فمنعه غيره من الكلام بأن وضع يده على فيه ، ثم قال : أردت أن أعلق على شرط كذا ، صدق بيمينه ، وإنما حلفناه لاحتمال أنه أراد التعليق على شيء حاصل ، كقوله : إن كنت فعلت كذا وقد فعله . ولو قطع الكلام مختارا حكم بوقوع الطلاق .

                                                                                                                                                                        ولو ذكر حرف الجزاء ، ولم يذكر شرطا ، بأن قال : فأنت طالق ، ثم قال : أردت ذكر صفة فسبق لساني إلى الجزاء ، قال القاضي حسين : لا يقبل في الظاهر ، لأنه متهم ، وقد خاطبها بصريح الطلاق ، وحرف الفاء ، قد يحتمل غير الشرط ، ربما كان قصده أن يقول : أما بعد ، فأنت طالق .

                                                                                                                                                                        ولو قال : إن دخلت الدار أنت طالق بحذف الفاء ، فقد أطلق البغوي وغيره ، أنه تعليق ، وقال البوشنجي : يسأل ، فإن قال : أردت التنجيز ، حكم به ، وإن قال : أردت التعليق ، أو تعذرت المراجعة ، حمل على التعليق .

                                                                                                                                                                        ولو قال : إن دخلت الدار . وأنت طالق بالواو ، قال البغوي : إن قال : أردت التعليق ، قبل ، أو التنجيز ، وقع ، وإن قال : أردت جعل الدخول ، [ ص: 116 ] وطلاقها شرطين لعتق أو طلاق ، قبل ، قال البوشنجي : فإن لم يقصد شيئا طلقت في الحال ، وألغيت الواو ، كما لو قال ابتداءا : وأنت طالق .

                                                                                                                                                                        قلت : هذا الذي قاله البوشنجي فاسد حكما ودليلا ، وليس كالمقيس عليه ، والمختار ، أنه عند الإطلاق تعليق بدخول الدار ، إن كان قائله لا يعرف العربية ، وإن عرفها ، فلا يكون تعليقا ولا غيره إلا بنية ، لأنه غير مقيد عنده ، وأما العامي ، فيطلقه للتعليق ، ويفهم منه التعليق . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        ولو قال : أنت طالق وإن دخلت الدار ، طلقت في الحال ، وكذا لو قال : وإن دخلت الدار أنت طالق ، ولم يذكر الواو في " أنت " .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا علق الطلاق بشرط ، ثم قال : أردت الإيقاع في الحال ، فسبق لساني إلى الشرط ، وقع في الحال لأنه غلظ على نفسه .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية