الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        فيما تحصل به توبة المرتد وفي معناها إسلام الكافر الأصلي .

                                                                                                                                                                        وقد وصف الشافعي رضي الله عنه توبته فقال : أن يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويبرأ من كل دين خالف الإسلام ، وقال في موضع : إذا أتى بالشهادتين ، صار مسلما ، وليس هذا باختلاف قول عند جمهور الأصحاب كما ذكرنا في كتاب الظهار ، بل يختلف الحال باختلاف الكفار وعقائدهم ، قال البغوي : إن كان الكافر وثنيا أو ثنويا لا يقر بالوحدانية ، فإذا قال : لا إله إلا الله ، حكم بإسلامه ، ثم يجبر على قبول جميع الأحكام ، وإن كان مقرا بالوحدانية ، منكرا نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم ، لم يحكم بإسلامه حتى يقول مع ذلك : محمد رسول الله ، فإن كان يقول : الرسالة إلى العرب خاصة ، لم يحكم بإسلامه حتى يقول : محمد رسول الله إلى جميع الخلق ، أو يبرأ من كل دين خالف الإسلام ، وإن كان كفره بجحود فرض أو استباحة محرم ، لم يصح إسلامه حتى يأتي بالشهادتين ، ويرجع عما اعتقده . ويستحب أنيمتحن كل كافر أسلم بالإيمان بالبعث ، ولو قال كافر : أنا ولي محمد ، لم يصح إسلامه كذا ولو قال : أنا مثلكم ، أو مسلم أو آمنت ، أو أسلمت ، لم يصح إسلامه ، ولو قال : أنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، أو دينكم حق ، حكم بإسلامه ولو أقر بركن من أركان الإسلام على خلاف عقيدته ، كفرضية إحدى الصلوات ، أو أقر بتحريم الخمر والخنزير ، حكم بإسلامه ، وما يصير به المسلم كافرا إذا جحده ، يصير به الكافر مسلما إذا أقر به ، ويجبر على قبول [ ص: 83 ] سائر الأحكام ، فإن امتنع ، قتل كالمرتد ، ولو أقر يهودي برسالة عيسى صلى الله عليه وسلم ، ففي قول يجبر على الإسلام ; لأن المسلم لو جحد رسالته ، كفر ، نقل هذا كله البغوي وهو طريقة ، ذكرنا في كتاب الكفارات أن الإمام نسبها إلى المحققين ، والذي عليه الجمهور خلافها .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية