الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إذا باع مالا زكويا قبل تمام الحول بشرط الخيار ، فتم الحول في مدة الخيار ، أو اصطحبا في مدة خيار المجلس فتم فيها الحول ، بني على أن ملك المبيع في مدة الخيار لمن ؟ فإن قلنا : للبائع ، فعليه زكاته ، وإن قلنا : للمشتري ، فلا زكاة على البائع ، ويبتدئ المشتري حوله من وقت الشراء . وإن قلنا : موقوف ، فإن تم البيع كان للمشتري ، وإلا فللبائع . وحكم الحالين ما تقدم ، هكذا ذكره الجمهور ، ولم يتعرضوا لخلاف بعد البناء المذكور . قال إمام الحرمين : إلا صاحب التقريب فإنه قال : وجوب الزكاة على المشتري يخرج على القولين في المغصوب ، بل أولى ؛ لعدم استقرار الملك ، وهكذا إذا كان الخيار للبائع أو لهما . أما إذا كان المشتري وحده ، وقلنا : الملك له - فملكه ملك زكاة بلا خلاف ؛ لكمال ملكه وتصرفه . وعلى قياس هذه الطريقة يجري الخلاف في جانب البائع أيضا إذا قلنا : الملك له وكان الخيار للمشتري .

                                                                                                                                                                        [ ص: 196 ] فرع

                                                                                                                                                                        اللقطة في السنة الأولى باقية على ملك المالك ، فلا زكاة فيها على الملتقط . وفي وجوبها على المالك الخلاف في المغصوب والضال ثم إن لم يعرفها حولا ، فهكذا الحكم في جميع السنين ، وإن عرفها بني حكم الزكاة على أن الملتقط ، متى تملك اللقطة ؟ بمضي سنة التعريف ، أم باختيار التملك ، أم بالتصرف ؟ فيه خلاف يأتي في موضعه إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                        فإن قلنا : يملك بانقضائها ، فلا زكاة على المالك ، وفي وجوبها على الملتقط وجهان . وإن قلنا : يملك باختيار التملك وهو المذهب ، نظر ، إن لم يتملكها ، فهي باقية على ملك المالك . وفي وجوب الزكاة عليه طريقان ، أصحهما على قولين : كالسنة الأولى . والثاني : لا زكاة قطعا ؛ لتسلط الملتقط عليها . وإن تملكها الملتقط لم تجب زكاتها على المالك ، لكنه تستحق قيمتها على الملتقط ، ففي وجوب زكاة القيمة عليه خلاف من وجهين ، أحدهما : كونها دينا . والثاني : كونها مالا ضالا . ثم الملتقط مديون بالقيمة ، فإن لم يملك غيرها ففي وجوب الزكاة عليه الخلاف الذي نذكره إن شاء الله تعالى أن الدين هل يمنع وجوب الزكاة ؟ . وإن ملك غيرها وما بقي بالقيمة وجبت الزكاة على الأصح . وإن قلنا : يملك بالتصرف ولم يتصرف ، فحكمه كما إذا لم يتملك وقلنا : لا يملك إلا به .

                                                                                                                                                                        واعلم أن الملتقط لو وجد المالك بعد تملكها ، فرد اللقطة إليه - تعين عليه القبول ، وفي تمكن المالك من استردادها قهرا وجهان ، وهذا يوجب أن تكون القيمة الواجبة معرضة للسقوط ، وحينئذ لا يبعد التردد في امتناع الزكاة ، وإن قلنا : الدين يمنع الزكاة كالتردد في وجوب الزكاة على الملتقط مع الحكم بثبوت تملكه لكونه معرضا للزوال .

                                                                                                                                                                        [ ص: 197 ]

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية