الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الباب الثاني في كيفية التيمم

                                                                                                                                                                        له سبعة أركان .

                                                                                                                                                                        الركن الأول : التراب . وشرطه أن يكون طاهرا خالصا ، غير مستعمل . فالتراب متعين ، ويدخل فيه جميع أنواعه ، من الأحمر ، والأسود ، والأصفر ، والأغبر ، وطين الدواة ، وطين الأرمني الذي يؤكل تداويا وسفها ، والبطحاء وهو التراب الذي في مسيل الماء ، والسبخ الذي لا ينبت دون الذي يعلوه ملح . ولو ضرب يده على ثوب ، أو جدار ، ونحوهما ، وارتفع غبار ، كفى . والتراب الذي أخرجته الأرضة من مدر ، يجوز التيمم به ، كالتراب المعجون بالخل إذا جف ، يجوز التيمم به ، ولا يصح التيمم بالنورة ، والجص ، والزرنيخ ، [ ص: 109 ] وسائر المعادن ، والذريرة ، والأحجار المدقوقة ، والقوارير المسحوقة ، وشبهها . وقيل : يجوز في وجه بجميع ذلك وهو غلط ، ولو أحرق التراب حتى صار رمادا ، أو سحق الخزف ، فصار ناعما ، لم يجز التيمم به . ولو شوى الطين وسحقه ، ففي التيمم به وجهان . وكذا لو أصاب التراب نار ، فاسود ، ولم يحترق ، فعلى الوجهين .

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح في الأولى ، الجواز . والصحيح في الأخيرة القطع بالجواز . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وأما الرمل ، فالمذهب : أنه إن كان خشنا لا يرتفع منه غبار ، لم يكف ضرب اليد عليه . وإن ارتفع ، كفى . وقيل : قولان مطلقا . وأما كونه طاهرا ، فلا بد منه ، فلا يصح بنجس مطلقا . فإن كان على ظهر كلب تراب ، فإن علم التصاقه برطوبة عليه ، من ماء ، أو عرق ، أو غيره ، لم يجز التيمم به . وإن علم انتفاء ذلك جاز ، وإن لم يعلم واحدا منهما ، فعلى القولين في اجتماع الأصل والظاهر .

                                                                                                                                                                        قلت : كذا قاله جماعة من أصحابنا : فيما إذا لم يعلم ، أنه على القولين ، وهو مشكل ، وينبغي أن يقطع بجواز التيمم به عملا بالأصل ، وليس هنا ظاهر يعارضه . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وأما كونه خالصا ، فيخرج منه المشوب بزعفران ، ودقيق ، ونحوهما . وإن كثر المخالط ، لم يجز بلا خلاف . وكذا إن قل على الصحيح . قال إمام الحرمين : الكثير : ما يظهر في التراب . والقليل : ما لا يظهر . ولم أر لغيره فيه ضبطا . ولو اعتبرت الأوصاف الثلاثة كما في الماء ، لكان مسلكا .

                                                                                                                                                                        وأما كونه غير مستعمل ، فلا بد منه على الصحيح . والمستعمل : ما لصق بالعضو . وكذا ما تناثر عنه ، على الأصح .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية