الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وهو مخير بين التمتع والإفراد والقران ، وأفضلها التمتع ثم الإفراد وعنه : إن ساق الهدي فالقران أفضل ثم التمتع .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وهو مخير بين التمتع والإفراد والقران ) ذكره جماعة إجماعا لقول عائشة : خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : من أراد منكم أن يهل بحج ، وعمرة فليفعل ، ومن أراد أن يهل بحج فليهل ، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل قالت : وأهل بالحج ، وأهل به ناس معه ، وأهل معه ناس بالعمرة والحج ، وأهل ناس بالعمرة وكنت فيمن أهل بعمرة . متفق عليه .

                                                                                                                          وذهب طائفة من السلف والخلف أنه لا يجوز إلا التمتع ، وقاله ابن عباس ، وعند طائفة من بني أمية ومن تبعهم ، النهي عن التمتع ، وعاقبوا من تمتع ، وكره التمتع عمر ، عثمان ، ومعاوية ، وابن الزبير ، وبعضهم : والقران ، وروى الشافعي عن ابن مسعود أنه كان يكرهه .

                                                                                                                          ( وأفضلها التمتع ) في قول ابن عمر ، وابن عباس ، وعائشة ، وجمع ، نص عليه ، في رواية صالح ، وعبد الله ، وقال : لأنه آخر ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو يعمل بكل واحد منهما على حدة . قال : إسحاق بن إبراهيم كان اختيار أبي عبد الله الدخول بعمرة لقوله - صلى الله عليه وسلم - : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ، ولأحللت معكم وفي " الصحيحين " أنه - عليه السلام - أمر أصحابه لما طافوا ، وسعوا أن يجعلوها عمرة إلا من ساق هديا ، وثبت على إحرامه لسوقه [ ص: 120 ] الهدي ، وتأسف ، ولا ينقلهم إلا إلى الأفضل ، ولا يتأسف إلا عليه لا يقال : أمرهم بالفسخ ليس لفضل التمتع ، وإنما هو لاعتقادهم عدم جواز العمرة في أشهر الحج ;لأنهم لم يعتقدوه ، ثم لو كان لم يخص به من لم يسق الهدي لأنهم سواء في الاعتقاد ، ثم لو كان لم يتأسف لاعتقاده جوازها فيها ، وجعل العلة فيه سوق الهدي ، ولأن التمتع منصوص عليه في كتاب الله ، ولإتيانه بأفعالهما كاملة على وجه اليسر ، والسهولة مع زيادة نسك ، وهو الدم قال : في رواية أبي طالب : إذا دخل بعمرة يكون قد جمع الله له عمرة وحجة ، وما لا يقال : لو كان دم نسك لم يدخله كالهدي ، والأضحية ، ولا يستوي فيه جميع المناسك ; لأن دخول الصوم لا يخرجه عن كونه نسكا ; لأنه بدل ، والقرب يدخلها الإبدال كالقران ، وإنما اختص به لوجود سببه ، وهو الرفه بأحد السفرين ( فإن أعرض ) بأن النسك الذي لا دم فيه أفضل كإفراد لا دم فيه ( رد ) تمتع المكي وغيره سواء عندك ، وإنما كان إفراد لا دم فيه أفضل ; لأن ما يجب فيه دم جنابة ، وإفراد فيه دم تطوع أفضل .

                                                                                                                          ( ثم الإفراد ) لما في " الصحيحين " عن ابن عباس ، وجابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أهلوا بالحج ، وفي مسلم عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج . وقال عمر ، وعثمان ، وجابر : هو أفضل الأنساك لما ذكرنا ، ولإتيانه بالحج تاما من غير احتياج إلى خبر فكان أولى ، وشرط أفضليته عند الشافعي أن يعتمر تلك السنة ، فلو أخرها عن سنته فالتمتع ، والقران أفضل منه لكراهة تأخيره العمرة عن سنة الحج .

                                                                                                                          وأجاب أصحابنا عن الخبر أنه أفرد عمل الحج عن عمل العمرة أو أهل بالحج فيما بعد مع أن أكثر الروايات عن جابر ذكر أصحابه فقط .

                                                                                                                          [ ص: 121 ] وأجاب أحمد في رواية أبي طالب بأن هذا كان في أول الأمر بالمدينة أحرم بالحج فلما دخل مكة فسخ على أصحابه ، وتأسف على التمتع لأجل سوق الهدي فكان المتأخر أولى .

                                                                                                                          ( وعنه : إن الهدي فالقران أفضل ، ثم التمتع ) لما في " الصحيحين " عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة ، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا وعن أنس قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل بهما جميعا لبيك عمرة وحجا اختاره الشيخ تقي الدين ، ولأن فيه مسارعة إلى فعل العبادتين مع زيادة نسك ، وهو الدم فكان أولى .

                                                                                                                          وأجيب بأنه يحتمل أن أنسا سمعه يلقن قارنا تلبيته فظن أنه يلبي بهما عن نفسه ، أو سمعه في وقتين ، أو وقت واحد لما أدخل الحج على العمرة ، أو فرق بينهما أي : فعل الحج بعدها ، ويسمى قرانا لغة .

                                                                                                                          وحاصله أن التمتع أفضل لكثرة الأخبار به وصحتها وصراحتها مع أنه قوله ، وهو مقدم على فعله لاحتمال اختصاصه به .

                                                                                                                          وقد روي عنه - عليه السلام - أنه كان متمتعا ، فروى سالم عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تمتع في حجة إلى الحج ، وتمتع الناس معه .

                                                                                                                          وعن عروة عن عائشة مثله ، وأمر ابن عباس بها ، وقال : سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - . متفق عليه . لكن قال أحمد : لا أشك أنه كان قارنا ، والمتعة أحب إلي ، وفيه أحاديث .

                                                                                                                          [ ص: 122 ] قال الشيخ تقي الدين : وعليه متقدمو الصحابة ، وهو باتفاق علماء الحديث ، وفيه نظر .



                                                                                                                          الخدمات العلمية