الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ومن وطئ جارية من المغنم ممن له فيها حق ، أو لولده ؛ أدب ، ولم يبلغ به الحد ، وعليه مهرها إلا أن تلد منه ، فيكون عليه قيمتها ، وتصير أم ولد له والولد حر ثابت النسب . ومن أعتق منهم عبدا ، عتق عليه قدر حقه ، وقوم عليه باقيه إن كان موسرا ، وكذلك إن كان فيهم من يعتق عليه .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ومن وطئ جارية من المغنم ممن له فيها حق ، أو لولده ، أدب ) لأنه وطء حرام ، لكونه في ملك مشترك . ( ولم يبلغ به الحد ) لأن له في الغنيمة ملكا أو شبهة ملك فيدرأ عنه الحد للشبهة ( وعليه مهرها ) لأنها ليست مملوكة له ، أشبه وطء أمة الغير ؛ وحينئذ فيطرح في المغنم . وقال القاضي : يسقط عنه من المهر قدر حصته كالجارية المشتركة ، ورد بأنه لما كان مقدار حقه يعسر العلم به ، ولا ضرر عليه بوضع المهر من الغنيمة ، فيعود إليه حقه . لم يعتبر الإسقاط ( إلا أن تلد منه فيكون عليه قيمتها ) لأنه فوتها على الغانمين ؛ فلزمه قيمتها كما لو أتلفها ، وحينئذ تطرح في الغنيمة . فإن كان معسرا ، كانت في ذمته ، وقال القاضي : يحتسب قدر حصته من الغنيمة ، وتصير أم ولد ، وباقيها رقيق للغانمين ؛ لأنه إنما ثبت بالسراية إلى ملك غيره ، فلم يسر في حق المعسر كالإعتاق ، ورد بأنه استيلاد صير بعضها أم ولد ، فيجعل جميعها كذلك ، كاستيلاد جارية ابنه ، وهو أقوى من العتق ، لكونه فعلا ، وينفذ من المجنون . وظاهره أنه لا يلزمه قيمة الولد ؛ لأنه ملكها حين علقت فلم يثبت للغانمين فيه ملك ، وعنه : يلزمه قيمته حين وضعه تطرح في الغنيمة ؛ لأنه فوت رقه ، أشبه ولد المغرور . وقال القاضي : إذا صار نصفها أم ولد يكون الولد كله حرا ، وعليه قيمة نصفه . ( وتصير أم ولد له ) في الحال ؛ لأنه وطء يلحق به النسب ، لشبهة الملك ، كجارية ابنه [ ص: 374 ] ( والولد حر ) لأنه من وطء في ملك أو شبهة ( ثابت النسب ) لأنه وطء سقط فيه الحد لشبهة الملك فيلحق فيه النسب . وظاهره أنه لا مهر عليه حينئذ في رواية ، وهو مبني على أن المهر هل يجب بمجرد الإيلاج ، أو بالنزع ، وهو تمامه ؛ لأنه إنما تم وهي ملك له ، قاله الزركشي .

                                                                                                                          ( ومن أعتق منهم عبدا ، عتق عليه قدر حقه ، وقوم عليه باقيه إن كان موسرا ، وكذلك إن كان فيهم من يعتق عليه ) وجملته أن الغانم إذا أعتق رقيقا من المغنم ، أو كان فيهم من يعتق عليه ، عتق كله ؛ لأن ملكه ثبت عليه في شركة الغانمين باستيلائهم عليه . أشبه المملوك بالإرث ، فيعتق جميعه إن كان حقه منها لا ينقص أو بقدر حقه إن نقص ، ثم الزائد على حقه إن كان موسرا عتق عليه وضمنه ؛ وإلا بقي رقيقا بحاله على المنصوص . وقال القاضي وابن أبي موسى : لا يعتق ؛ لأن ملكه لا يتعين فيه لجواز أن يحصل له بالقسمة غيره ، وفي " المحرر " وعندي إن كانت جنسا واحدا ، فكالمنصوص ، وإن كانت أجناسا فكقول القاضي ؛ لأن المعتق في الجنس الواحد يصير كالحر المشاع ، وفي الأجناس لم يتعين حقه في شيء بعيد ، وفيه نظر ؛ لأنها قبل القسمة حق كل واحد من الغانمين مشاع في كل جنس ، فالعتق يصادفه ، فيعتق عليه ، والباقي بالسراية . وفي " البلغة " فيمن يعتق عليه روايات ، الثالثة : موقوف ، إن تعين سهمه في الرقيق عتق ، وإلا فلا . وظاهره لا فرق في المعتق أن يكون رجلا أو امرأة ، أو صبيا . وصرح في " المغني " و " الشرح " بأن الغانم إذا أعتق رجلا منها لا يعتق ؛ لأنه لا يصير رقيقا بنفس السبي كالنساء ، والصبيان .




                                                                                                                          الخدمات العلمية