الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          والثالثة : المسترسل إذا غبن الغبن المذكور وعنه : أن النجش وتلقي الركبان باطلان .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( الثالثة : المسترسل ) وهو اسم فاعل من استرسل إذا اطمأن واستأنس لغة ، وفسره الإمام أحمد بأنه لا يحسن يماكس ، وذكر الشيخان والجد : هو الجاهل بقيمة المبيع ، زاد في " المغني " و " الشرح " ولا يحسن المبايعة ( إذا غبن الغبن المذكور ) على الأصح ؛ لأنه حصل لجهله بالبيع فثبت له الخيار ، كما سبق ، وقيل : يقع لازما ؛ لأن النقصان لا يمنع لزوم العقد كالغبن اليسير ، وظاهره أن غير المسترسل لا خيار له ؛ لأنه دخل على بصيرة بالغبن كالعالم بالعيب وكالمستعجل ، وفي المذهب يثبت إذا جهلها ، وعنه : ولمسترسل مع البائع لم يماكسه ، اختاره الشيخ تقي الدين ، وذكره المذهب قال أحمد : اشتر وماكس قال : والمساومة أسهل من المرابحة ؛ لأنه أمانة ، ولا يأمن الهوى .

                                                                                                                          فرع : حكم الإجارة كالبيع ، ذكره في شرح " الهداية " عن القاضي ، فإن فسخ في أثنائها رجع عليه بالقسط من أجرة المثل لا من المسمى ، وذكر الشيخ تقي الدين أنه إذا دلس مستأجر على مؤجر وغره حتى استأجره بدون القيمة ، [ ص: 80 ] فله أجرة المثل قال : ويحرم تغرير مشتر بأن يسومه كثيرا ليبذل قريبه .

                                                                                                                          مسألة : خيار الغبن فيه وجهان في الفورية وعدمها هما مبنيان على الروايتين في خيار العيب ، وهل للإمام جعل علامة تنفي الغبن عمن يغبن كثيرا ؛ فيه احتمالان .

                                                                                                                          ومن قال عند العقد لا خلابة فله الخيار إذا خلب ، وقال المؤلف : لا .

                                                                                                                          ( وعنه : أن النجش وتلقي الركبان باطلان ) أما الأول : فلما روى ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النجش وعن أبي هريرة مرفوعا لا تناجشوا متفق عليهما ، وهو خديعة ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : الخديعة في النار وإذا كان منهيا عنه كان باطلا تغليبا لحق الله تعالى في النهي ، وفي " المغني " و " الشرح " أنه اختيار أبي بكر ، وصرح في التنبيه : بأنه لا يجوز ، وقيل : إن نجش البائع أو واطأ على ذلك بطل ، قدمه في " المحرر " ، وصححه ابن حمدان ، وخرجه صاحب " التلخيص " من قول أبي بكر في إبطال البيع بتدليس العيب ، ولأن البائع أحد ركني العقد فارتكابه النهي يفسد البيع بخلاف الأجنبي ، وأما ثانيا فاختاره أبو بكر لما روى ابن عباس قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تلقي الركبان ، ولا يبيع حاضر لباد متفق عليه ؛ لأن النهي يدل على الفساد كبيع الحاضر ، وجوابه بأن بيع الحاضر للبادي لا يمكن استدراكه ؛ لأن الضرر ليس عليه إنما هو على المسلمين بخلاف التلقي ، فإن الضرر عليهم فأمكن تداركه بثبوت الخيار لهم ، فلا حاجة إلى الإبطال .




                                                                                                                          الخدمات العلمية