الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وليس للمسلم وإن كان عبدا نكاح أمة كتابية ، وعنه : يجوز ، ولا يحل لحر مسلم نكاح أمة مسلمة إلا أن يخاف العنت ، ولا يجد طولا لنكاح حرة ولا ثمن أمة ، وإن تزوجها وفيه الشرطان ، ثم أيسر ، أو نكح حرة ، فهل يبطل نكاح الأمة ؛ على روايتين ، وإن تزوج حرة أو أمة ، فلم تعفه ، ولم يجد طولا لحرة أخرى ، فهل له نكاح أمة أخرى ؛ على روايتين .

                                                                                                                          قال الخرقي : وله أن ينكح من الإماء أربعا إذا كان الشرطان قائمين فيه .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وليس للمسلم وإن كان عبدا نكاح أمة كتابية ) رواه عن أحمد نحو عشرين نفسا ، قال أبو الخطاب : هو قول عامة أصحابنا ; لقوله تعالى : من فتياتكم المؤمنات [ النساء : 25 ] ; ولأنه اجتمع فيها نقص الرق والكفر ، أشبهت المجوسية ، فإنه اجتمع فيها الكفر وعدم الكتاب ; وحذارا من استرقاق الولد ( وعنه : يجوز ) ; لأنها تحل بملك اليمين ، فتحل بالنكاح كالمسلمة ، فعلى هذا تحل للعبد مطلقا وللحر بشرطه ، وعلى الأول : لا فرق فيها بين أن تلد أولا ، ولا بين أن تكون لمسلم أو كافر ، صرح به القاضي في " تعليقه " ( ولا يحل لحر مسلم نكاح أمة مسلمة ، إلا أن يخاف العنت ، ولا يجد طولا لنكاح حرة ) أي : ليس للحر المسلم أن يتزوج أمة مسلمة إلا بوجود شرطين : عدم الطول ، وخوف العنت ; لقوله تعالى : ومن لم يستطع منكم طولا [ النساء : 25 ] فشرطهما تعالى لنكاح الأمة ، والمعلق على شرط عدم عند عدمه ، وكما إذا كان تحته حرة ، والقيد الأول يحترز به من العبد ، فإن له نكاحها شرط لتساويهما .

                                                                                                                          والثاني : يحترز به عن الكافر ، وقيد الأمة بكونها مسلمة ; احترازا من الكافرة ، فإنه لا يجوز نكاحها ولا مع الشرطين ، والعنت فسره القاضيان أبو يعلى ، وأبو الحسين ، والشيرازي ، والمؤلف : بالزنا ، وفسره المجد : لحاجة المتعة ، أو الخدمة لكبر أو سقم ، نص عليه ، وجعله ابن حمدان قولا ، والطول ، قال أحمد - تبعا لابن عباس - : السعة ، وعن ابن عباس : لا يجد صداق حرة ، وقاله القاضي في [ ص: 74 ] " المجرد " ، وزاد عليه ابن عقيل : ولا نفقتها ، وزاد المؤلف تبعا لغيره ( ولا ثمن أمة ) ; لأن القادر على ذلك غير خائف العنت ; لأنه قدر على صيانة ولده من الرق ، فهو كالقادر على نكاح مؤمنة ، وإن شرط حرية الولد صار حرا ، ذكره في " الروضة " وفي " إعلام الموقعين " ، وظاهره : أنه إذا لم يجد طولا لحرة مسلمة ووجد طولا لحرة كتابية - أن له نكاح الأمة ، قاله في " الانتصار " ; لظاهر الآية ، وصرح الأكثر بعدم اشتراط الإسلام ، فمن وجد طولا لحرة مطلقا لا يجوز له نكاح الأمة ; لأنه إذن يأمن العنت ، فيفوت الشرط ، وتوقف أحمد في رواية حرب ، وقد دخل في كلامه المجبوب ونحوه ، له نكاح الأمة بشرطه ، وأن له نكاح الأمة الولود ، وإن وجد آيسة ، صرح به القاضي وأبو الخطاب في خلافيهما وعدم جواز نكاحها مع فقد شرطه ، وإن كانت لا تلد لصغر أو رتق ونحوهما ، واقتضى كلامه أنه إذا لم يجد ما يتزوج به حرة لم يلزمه الاقتراض مع القدرة عليه ، ولا التزوج بصداق في الذمة وإن كان مؤجلا ; دفعا للضرر عنه ، ولو وهب له الصداق لم يلزمه قبوله ، نعم ، لو رضيت بدون مهر مثلها وهو قادر على ذلك فاحتمالان للقاضي في " تعليقه " فلو وجد حرة بزيادة على مهر مثلها لا تجحف بماله لزمه للاستطاعة ، قاله المؤلف ، ولا يرد اليتيم على وجه ; لأنه رخصة عامة ، ونكاح الأمة للضرورة وفي " الترغيب " : ما لم يعد سرفا ، وحرة لا توطأ لصغر أو غيبة كعدم ، في المنصوص ، وكذا مريضة ، وفي " الترغيب " وفيه وجهان ، وفيه من نصفها حر أولى من أمة ; لأن إرقاق بعض الولد أولى من جميعه .

                                                                                                                          فرع : يقبل قوله في خشية العنت وعدم الطول حتى لو كان بيده قال : [ ص: 75 ] فادعى أنه وديعة أو مضاربة قبل قوله ; لأنه حكم فيما بينه وبين الله تعالى .

                                                                                                                          ( وإن تزوج حرة أو أمة ، فلم تعفه ، ولم يجد طولا لحرة أخرى فهل له نكاح أمة أخرى ؛ على روايتين ) إحداهما : ليس له ذلك ، قال أحمد : يذهب إلى حديث ابن عباس ، لا تتزوج من الإماء إلا واحدة ; ولأن تحته زوجة ، والثانية : بلى ، وهي المذهب ; لأنه خائف العنت ، عادم لطول حرة ، أشبه من لا زوجة تحته ، ثم أكده بقوله ( قال الخرقي : له أن ينكح من الإماء أربعا إذا كان الشرطان قائمين فيه ) ; لأن المعنى الذي أبيح من أجله نكاح الأمة - الشرطان ، فإذا وجدا وجب العمل بهما ، وقد يقال : له نكاح الأربع دفعة واحدة [ ص: 76 ] إذا علم أنها لا تعفه ، صرح به القاضي في " المجرد " ، وحكى الأول عن أبي بكر ، وحمله في " الجامع الكبير " على ما إذا خشي العنت ، وفسره هنا بما إذا كان تحته أمة غائبة أو مريضة أو نحوهما .

                                                                                                                          ( وإن تزوجها وفيه الشرطان ، ثم أيس أو نكح حرة ، فهل يبطل نكاح الأمة ؛ على روايتين ) إذا أيسر بعد نكاحها لم يبطل نكاح الأمة على المذهب المجزوم به عند الأصحاب ; لأن عدم استطاعة الطول شرط نكاح الأمة ، فلم تعتبر استدامته كخوف العنت ، والثانية : بلى ؛ لأنه إنما أبيح للحاجة ، فإذا زالت لم يجز له استدامته كأكل الميتة ، وفرق بينهما في " المغني " من حيث إن أكل الميتة بعد القدرة ابتداء للأكل ، بخلاف عادم الطول مبتدئ ، وإنما هو مستديم ، وفي تزوج الحرة ينبني على انفساخه باليسار وعدمه ، وجعلهما في " الترغيب " في زوال خوف العنت ، وفي " المنتخب " : يكون طلاقا لا فسخا ، ونقلهابن منصور إذا تزوج حرة على أمة يكون طلاقا للأمة ; لقول ابن عباس ، قال أبو بكر : مسألة إسحاق مفردة .




                                                                                                                          الخدمات العلمية