الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          والثاني : نكاح المحلل ، وهو أن يتزوجها على أنه إذا أحلها طلقها ، فإن نوى ذلك بغير شرط ، لم يصح في ظاهر المذهب ، وقيل : يكره ويصح .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( والثاني : نكاح المحلل ) وهو حرام باطل في قول عامة العلماء ( وهو أن يتزوجها على أنه إذا أحلها ) للأول ( طلقها ) أو فلا نكاح بينهما ، أو زوجتكها إلى أن تطأها ، لما روى ابن مسعود قال : لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحلل والمحلل له رواه أحمد ، والنسائي ، والترمذي وصححه ، وعن علي مثله ، رواه الخمسة إلا النسائي ، وعن أبي هريرة كذلك ، رواه أحمد ، وعن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا أخبركم بالتيس المستعار ؛ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : هو المحلل ، لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحلل والمحلل له رواه ابن ماجه ، وهو عليه السلام لا يلعن على فعل جائز ، فدل ذلك على تحريمه وفساده ، وتسميته محللا لقصده الحل في موضع لا يحصل فيه الحل ، كقوله عليه السلام : ما آمن بالقرآن من استحل محارمه وعن جابر ، قال : سمعت عمر يخطب وهو يقول : والله إني لا أوتى بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما ، رواه الأثرم ، وهو قول الفقهاء من التابعين ; ولأنه نكاح إلى مدة ، وفيه شرط يمنع بقاءه ، أشبه نكاح المتعة ، وخرج القاضي وأبو الخطاب رواية ببطلان الشرط ، وصحة العقد من مسألة اشتراط الخيار ، وكذلك ابن عقيل ، لكنه خرجها من الشروط الفاسدة ( فإن نوى ذلك بغير شرط لم يصح في ظاهر المذهب ) وعليه الأصحاب ; لعموم ما تقدم ، يؤيده ما روى ابن شاهين في غرائب [ ص: 86 ] السنن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن نكاح المحلل ، فقال : لا نكاح إلا نكاح رغبة ، لا نكاح دلسة وظاهره شامل إذا اشترطا التحليل حال العقد أو قبله ، ولم يرجع عنه ; لأن الشرط السابق كالمقارن ، إلا أن هنا النية كافية في المنع ، فغايته أنها أكدت بالشرط السابق ، نعم ، لو شرط في العقد ثم نوى فيه نكاحا ، فالمؤلف يصححه ، والشيخ تقي الدين يقول : إن الشرط السابق كالمقارن ، فالشرط لا يلزم معه العقد ( وقيل : يكره ويصح ) قطع به ابن البنا ، وحكاه عن أحمد ، أما الكراهة ; فلأنه مختلف في صحته ، وأما صحته ; فلأنه عقد خلا عن شرط يفسده ، أشبه ما لو طلقها بغير الإحلال ، ونقل حرب ، عن أحمد إذا تزوج امرأة وفي نفسه طلاقها - فكرهه ، فأخذ من ذلك الشريف وأبو الخطاب رواية بالصحة مع الكراهة ، وهو مقتضى كلام شيخنا ، ومنع من ذلك الشيخ تقي الدين ، إذ رواية حرب فيمن نوى الطلاق ، وذلك إنما يكون فيمن له رغبة في النكاح ، والمحلل لا رغبة له فيه أصلا ، ومن هنا قال القاضي وأصحابه : إذا نوى التطليق في وقت بعينه فهو كنية التحليل ، ونص أحمد يشهد لهم .

                                                                                                                          أصل : لو زوج عبده بمطلقته ثلاثا ، ثم وهبها العبد أو بعضه لينفسخ نكاحها ، لم يصح النكاح ، نص عليه ، وهو كمحلل ، ولو دفعت مالا هبة لمن تثق به ليشتري مملوكا ، فاشتراه وزوجه بها ثم وهبه لها - انفسخ النكاح ، ولم يكن هناك تحليل مشروط ولا منوي ممن تؤثر نيته وشرطه - وهو الزوج - ولا أثر لنية الزوجة والولي ، قاله في " إعلام الموقعين " وقال : صرح أصحابنا بأن ذلك يحلها ، وفي " المحرر " و " الفروع " : ومن لا فرقة بيده لا أثر لنيته .




                                                                                                                          الخدمات العلمية