الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإن قال لها : أنت طالق للسنة ، أو للبدعة - طلقت في الحال ، وإن قال لمن لها سنة وبدعة : أنت طالق للسنة في طهر لم يصبها فيه ، طلقت في الحال واحدة ، وإن كانت حائضا ، طلقت إذا طهرت ، وإن كانت في طهر أصابها فيه ، طلقت إذا طهرت من الحيضة المستقبلة .

                                                                                                                          وإن قال : أنت طالق للبدعة ، وهي حائض ، أو في طهر أصابها فيه - طلقت في الحال ، وإن كانت في طهر لم يصبها فيه ، طلقت إذا أصابها أو حاضت ، وإن قال لها : أنت طالق ثلاثا للسنة ، طلقت ثلاثا في طهر لم يصبها فيه ، في إحدى الروايتين ، وفي الأخرى تطلق فيه واحدة ، وتطلق في الثانية والثالثة في طهرين في نكاحين إن أمكن ، وإن قال : أنت طالق في كل قرء طلقة ، وهي من اللائي لم يحضن - لم تطلق حتى تحيض ، فتطلق في كل حيضة طلقة .

                                                                                                                          وإن قلنا : القروء : الأطهار ، فهل تطلق طلقة ؛ الحال يحتمل وجهين ، ويقع بها الباقي في الأطهار الباقية ، وإن قال : أنت طالق أحسن الطلاق وأجمله ، فهو كقوله : أنت طالق للسنة ، وإن قال : أقبح الطلاق وأسمجه ، فهو كقوله : للبدعة .

                                                                                                                          إلا أن ينوي : أخس أحوالك أو أقبحها أن تكوني مطلقة ، فيقع في الحال ، وإن قال : أنت طالق طلقة حسنة قبيحة ، طلقت في الحال .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن قال لها : أنت طالق للسنة ، أو قال : للبدعة - طلقت في الحال ) ; لأنه وصفها بما لا تتصف به ، فلغت الصفة ، وبقي قوله : أنت طالق ، وذلك يوجب وقوع الطلاق في الحال ، وأن يكون واحدة; لأن ما زاد عليها غير ملفوظ به ولا منوي ، وكذلك قوله : أنت طالق للسنة والبدعة ، أو أنت طالق لا للسنة ولا للبدعة ، ( وإن قال لمن لها سنة وبدعة : أنت طالق للسنة في طهر لم يصبها فيه ، طلقت في الحال واحدة ) ; لأن معنى السنة في وقت السنة ، وذلك وقتها ( وإن كانت حائضا ، طلقت إذا طهرت ) ; لأن الصفة قد وجدت ( وإن كانت في طهر أصابها فيه ، طلقت إذا طهرت من الحيضة المستقبلة ) بغير خلاف نعلمه; لأن ذلك هو وقت السنة في حقها ، لا سنة لها قبلها .

                                                                                                                          فرع : إذا قال لها : أنت طالق ثلاثا ، نصفها للسنة ، ونصفها للبدعة - طلقت في الحال طلقتين ، والثالثة في ضد حالها الراهنة ، قال القاضي : وإن نوى تأخير اثنتين ففي الحكم وجهان ، وقال ابن أبي موسى : تطلق ثلاثا في الحال لتبعيض كل طلقة ، فإن قال لطاهر : أنت طالق للبدعة ، فقيل : تلغو الصفة ويقع الطلاق ، فإن قال لحائض : [ ص: 265 ] أنت طالق للسنة في الحال - لغت الصفة ، ووقع الطلاق ، وإن قال : أنت طالق ثلاثا للسنة وثلاثا للبدعة ، طلقت ثلاثا في الحال ( وإن قال : أنت طالق للبدعة ، وهي حائض أو في طهر أصابها فيه - طلقت في الحال ) ; لأن ذلك هو وقت البدعة ، وينزع في الحال إن كان ثلاثا ، فإن بقي ، حد عالم وعزر جاهل ( وإن كانت في طهر لم يصبها فيه ، طلقت إذا أصابها أو حاضت ) ; لأن كل واحد منهما وقت للبدعة ، فأيهما سبق وقع الطلاق فيه عملا بقوله : للبدعة ( وإن قال لها : أنت طالق ثلاثا للسنة ، طلقت ثلاثا في أول طهر لم يصبها فيه في إحدى الروايتين ) هذا هو المنصوص; لأن جمع الثلاث سنة على رواية ، ويقع فيما ذكرنا ; لأن ذلك حينئذ سنة ، وإن كانت حائضا طلقت ثلاثا إذا طهرت ( وفي الأخرى تطلق فيه ) أي : في طهر لم يصبها فيه ( واحدة ، وتطلق في الثانية والثالثة في طهرين في نكاحين ) أو بعد رجعتين إن عادت إليه ( إن أمكن ) ; لأنها لو بانت منه ولم تعد إليه - لم يمكن إيقاع الطلاق في النكاح; لعدمه ، وعنه : تطلق ثلاثا في ثلاثة أطهار لم يصبها فيها ، فإن قال : أردت بقولي للسنة إيقاع واحدة في الحال ، واثنتين في نكاحين آخرين - قبل منه ، وإن قال : أردت أن يقع في كل قرء طلقة - دين ، وفي الحكم وجهان .

                                                                                                                          فرع : من نكاحها فاسد جاز طلاقها في الحيض ، وإن قال : إن دخلت الدار فأنت طالق ، فدخلت وهي حائض - فهل هو للسنة أو البدعة ؛ قال ابن حمدان : يحتمل وجهين .

                                                                                                                          ( وإن قال : أنت طالق في كل قرء طلقة ، هي من اللائي لم يحضن - لم تطلق حتى تحيض ، فتطلق في كل حيضة طلقة ) الأشهر عندنا : أن القروء الحيض ، فإن كانت [ ص: 266 ] من ذوات القروء ، وقع بها واحدة في الحال ، ويقع بها طلقتان في قرأين آخرين في أولهما ، سواء قلنا : القروء : الحيض أو الأطهار ، وسواء كانت مدخولا بها أو لا ، إلا أن غير المدخول بها تبين بالأولى ، فإن تزوج بها وقع في القرء الثاني طلقة أخرى ، وكذا الحكم في الثالثة ( وإن قلنا : القروء : الأطهار ، فهل تطلق طلقة في الحال ؛ يحتمل وجهين ) أشهرهما : تطلق طلقة في الحال; لأن الطهر قبل الحيض كله قرء واحد ، فعلى هذا لا فرق بين كونها من اللائي لم يحضن أو لا ، والثاني : لا; لأن القرء هو الطهر بين الحيضتين; ولذلك لم يحنث بالطهر قبل الحيض من عدة الصغيرة في وجه ، وإن لم يكن قرءا لم يطلق فيه ، فعلى هذا يحصل الفرق بين من حاضت ومن لم تحض ( ويقع بها الباقي في الأطهار الباقية ) ; لأن الطهر قبل الحيض كله قرء واحد ( وإن قال : أنت طالق أحسن الطلاق وأجمله ، فهو كقوله : أنت طالق للسنة ) ; لأن الطلاق السني أحسن الطلاق وأجمله ، كقوله : أعدله ، وأكمله ، وأفضله ( وإن قال : أقبح الطلاق وأسمجه ، فهو كقوله : للبدعة ) ; لأن الطلاق البدعي أقبح الطلاق وأسمجه ، أي : تطلق في الموضع الذي تطلق فيه إذا قال : أنت طالق للبدعة ، وظاهره : أنها تطلق في الحيض أو في طهر أصابها فيه; لأن ذلك زمن البدعة ، وفيه شيء; لأنها لا تطلق إلا في الحيض فقط ، وصرح به في " الخلاصة " كقوله أفحش الطلاق ، أو أردؤه ، أو أنتنه ، فإن كان في وقت بدعة ، وإلا وقف إلى زمانها ، وفي " المحرر " : فهو ثلاث إن قلنا : جمعه بدعة ، وحكاه في " الشرح " عن أبي بكر ، ثم قال : وينبغي أن تقع الثلاث في وقت البدعة ، ليكون جامعا [ ص: 267 ] لبدعي الطلاق ، وفي " الفصول " : وعندي يجب أن تقع الثلاث في الحيض أو الطهر المجامع فيه; لأنه أفحش لما فيه من اجتماع الضيق على النفس ، وقطع الرجعة والعود بنكاح جديد ، وفيه تطويل العدة ، فمتى أوقعنا ثلاثا في طهر ، كان فاحشا ، لكن هناك ما هو أفحش ، فما أعطينا اللفظة حقها ، ألا ترى أنه لو قال : عندي أجود نفد ، ثم فسره بشيء فوقه أجود منه - لم يقبل ، فإن قال : أردت طلاق السنة; ليتأخر الطلاق عن نفسه إلى زمن السنة - لم يقبل في الأشهر; لأن لفظه لا يحتمله ( إلا أن ينوي : أخس أحوالك أو أقبحها أن تكوني مطلقة ، فيقع في الحال ) ; لأن " أنت طالق " يقتضي وقوعه في الحال ، وإنما تأخر إلى زمن السنة كعكسه ، فيجب أن يقع في الحال عملا بالمقتضى السالم عن المعارض .

                                                                                                                          ( وإن قال : أنت طالق طلقة حسنة قبيحة ، طلقت في الحال ) ; لأنه وصفها بصفتين مضادتين ، فلغتا ، وبقي مجرد الطلاق ، فوقع ، فإن قال : إنها حسنة لكونها في زمان السنة ، وقبحها لإضرارها بل أو قال : إنها حسنة ليتخلص من شرك وقبحه; لكونها في زمان البدعة ، كان ذلك يرجى وقوع الطلاق عنه ، دين ، وفي الحكم وجهان .

                                                                                                                          مسألة : يباح الخلع والطلاق بسؤالها في زمن البدعة ، وقيل : هو بدعة ، وتنقضي بدعتها بانقطاع الدم ، وقيل : بالغسل ، لأثر رواه الدارقطني ، والنفاس كالحيض .




                                                                                                                          الخدمات العلمية