الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإن شك في عدده ، بنى على اليقين ، وقال الخرقي : إذا طلق فلم يدر أواحدة طلق أو ثلاثا ، لا يحل له وطؤها حتى يتيقن ، وكذلك قال فيمن حلف بالطلاق : لا يأكل تمرة ، فوقعت في تمر ، فأكل منه واحدة - منع من وطء امرأته حتى يتيقن أنها ليست التي وقعت اليمين عليها ، ولا يتحقق حنثه حتى يأكل التمر كله .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن شك في عدده ، بنى على اليقين ) نص عليه ؛ لأن ما زاد على اليقين طلاق مشكوك فيه ، فلم يقع ، كما لو شك في أصل الطلاق ، فلو شك هل طلق اثنتين أو واحدة - فهي واحدة ؛ لأنها اليقين ، وأحكامه أحكام المطلق دون الثلاث من إباحة الرجعة وحل الوطء ، وإذا راجع عادت إلى ما كانت عليه قبل الطلاق ، وكذا لو قال لها : أنت طالق بعدد ما طلق فلان زوجته ، وجهل عدده ، فطلقة ( وقال الخرقي : إذا طلق فلم يدر أواحدة طلق أم ثلاثا ، لا يحل له وطؤها حتى يتيقن ) هذا رواية عن أحمد ، أنه يحرم وطؤها ؛ لأنه متيقن للتحريم ، شاك في التحليل ، وعليه نفقتها ما دامت في العدة ؛ لأن الأصل بقاؤها استنادا لبقاء النكاح ؛ ولأنه لو تنجس ثوبه ، ولم يدر موضع النجاسة منه ، لا يحل له أن يصلي فيه حتى يغسل ما تيقن به طهارته ، فكذا هنا ، والجامع بينهما تيقن الأصل ، والشك فيما بعده ، وظاهر كلام الإمام والأصحاب : أنه إذا راجعها حلت له ؛ لأن الرجعة مزيلة لحكم المتيقن من الطلاق ، فإن التحريم أنواع : تحريم تزيله الرجعة ، وتحريم يزيله نكاح جديد ، وتحريم يزيله نكاح بعد زوج وإصابة ، ومن تيقن الأدنى لا يثبت فيه حكم الأعلى ، كمن تيقن الحدث الأصغر لا يثبت فيه حكم الأصغر ، ويخالف الثوب ، فإن غسل بعضه لا يرفع ما تيقنه من النجاسة ، ومن أصحابنا من منع حصول التحريم بالطلاق ؛ [ ص: 382 ] لكون الرجعة مباحة ، فلم يكن التحريم متيقنا ( وكذلك قال فيمن حلف بالطلاق لا يأكل تمرة ، فوقعت في تمر ، فأكل منه واحدة - منع من وطء امرأته حتى يتيقن أنها ليست التي وقعت اليمين عليها ، ولا يتحقق حنثه حتى يأكل التمر كله ) إذا تيقن أكل التمرة المحلوف عليها ، أو أنه لم يأكلها ، فلا إشكال في ذلك بغير خلاف ، فإن أكل منها شيئا - قل أو كثر - ولم يدر أكلها أو لا ، فلا يتحقق حنثه ؛ لأن الباقية يحتمل أنها المحلوف عليها ، ويقين النكاح ثابت ، فلا يزول بالشك . فعلى هذا حكم الزوجية باق إلا في الوطء ، فإن الخرقي يمنع منه ؛ لأنه شاك في حلها ، كما لو اشتبهت امرأته بأجنبية ، وذكر أبو الخطاب وغيره : أنها باقية على الحل ؛ لأن الأصل الحل ، فلا يزول بالشك كسائر أحكام النكاح ، وكما لو شك هل طلق أم لا ؛ فإن كانت يمينه : ليأكلن هذه التمرة ، فلا يتحقق بره حتى يعلم أنه أكلها .

                                                                                                                          فرع : إذا قال لزوجتيه أو أمتيه : إحداكما طالق أو حرة غدا ، فماتت إحداهن قبل الغد - طلقت ، وعتقت الباقية في ظاهر المذهب ، وقيل : يقرع بينهما كموتهما ، وهل تطلق إذن أو منذ طلق ؛ فيه وجهان .




                                                                                                                          الخدمات العلمية