الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 54 ] فصل وإذا اجتمعت حدود الله تعالى ، فيها قتل ، استوفي القتل وسقط سائرها ، وإن لم يكن فيها قتل ، فإن كانت من جنس ، مثل إن زنى ، أو سرق ، أو شرب مرارا ، أجزأ حد واحد ، وإن كانت من أجناس استوفيت كلها ، ويبدأ بالأخف فالأخف .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( وإذا اجتمعت حدود الله تعالى فيها قتل ، استوفي القتل وسقط سائرها ) قال في المغني : لا يشرع غيره لقول ابن مسعود ، رواه سعيد من رواية مجالد ، وقد ضعفه الأكثر ، ولم نعرف له في الصحابة مخالفا ، وكالمحارب إذا قتل وأخذ المال ، فإنه يكتفى بقتله ، ولأن هذه الحدود لمجرد الزجر ، وقتله بخلاف القصاص ، فإن فيه غرض التشفي والانتقام ( وإن لم يكن فيها قتل فإن كانت من جنس ، مثل إن زنى أو سرق أو شرب مرارا أجزأ حد واحد ) بغير خلاف علمناه ، قال ابن المنذر : أجمع عليه كل من نحفظ عنه ، قال أحمد : يقام عليه الحد مرة لأن الغرض الزجر عن إتيان مثل ذلك في المستقبل ، وهو حاصل بالحد الواحد ، لأن الواجب هنا من جنس واحد ، فوجب التداخل كالكفارات ، وذكر ابن عقيل رواية : لا تداخل في السرقة ، وفي البلغة : يقطع واحد على الأصح ، وفي المستوعب رواية : إن طالبوا متفرقين قطع لكل واحد ، قال أبو بكر : العمل على خلافها ، ثم قال شيخنا : قول الفقهاء تتداخل دليل على أن الثابت أحكام ، وإلا فالشيء الواحد لا يعقل فيه تداخل ، فالصواب أنها أحكام ، وعلى ذلك نص الأئمة ، قال أحمد في لحم خنزير ميت : فأثبت فيه تحريمين ( وإن كانت من أجناس استوفيت كلها ) بغير خلاف علمناه ، لأن التداخل إنما هو في الجنس الواحد ، فلو سرق وأخذ المال في المحاربة قطع لذلك ، ويدخل فيه القطع في السرقة ، لأن محل القطعين واحد ( ويبدأ بالأخف فالأخف ) [ ص: 55 ] وجوبا ، قاله في الفروع ، فعلى هذا يبدأ بالحد للشرب ، ثم للسرقة ، ثم للزنا ، لأن الأول أخف ، ولا يوالي بين هذه الحدود ، لأنه ربما يفضي إلى التلف ، وفي المغني والشرح أنه على سبيل الاستحباب ، فلو بدأ بغير الأخف جاز .




                                                                                                                          الخدمات العلمية