الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          باب

                                                                                                                          حكم المرتد : وهو الذي يكفر بعد إسلامه ، فمن أشرك بالله ، أو جحد ربوبيته ، أو وحدانيته ، أو صفة من صفاته ، أو اتخذ لله صاحبة أو ولدا ، أو جحد نبيا ، أو كتابا من كتب الله ، أو شيئا منه ، أو سب الله ، أو رسوله ، كفر .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          باب ، حكم المرتد .

                                                                                                                          المرتد لغة : الراجع ، يقال : ارتد فهو مرتد إذا رجع ، وشرعا ، هو : الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر إما نطقا أو اعتقادا أو شكا ، وقد يحصل بالفعل ، ولهذا قال ( وهو الذي يكفر بعد إسلامه ) لأنه بيان له ، قال تعالى : ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ] البقرة : 217 [ وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من بدل دينه فاقتلوه . رواه الجماعة إلا مسلما ، قال الترمذي : هو حسن صحيح [ ص: 171 ] والعمل عليه عند أهل العلم ، وأجمعوا على وجوب قتل المرتد ( فمن أشرك بالله ) أي : إذا كفر طوعا ولو هازلا بعد إسلامه ، وقيل : وكرها ، والأصح بحق ، فإذا أقر بالإسلام ثم أنكره ، أو أنكر الشهادتين ، أو إحداهما ، كفر بغير خلاف ، وحينئذ لا يجوز أن يهادنوا على الموادعة ، ولا أن يصالحوا بما يقرون به على ردتهم ، بخلاف أهل الحرب ، ذكره القاضي ( أو جحد ربوبيته ، أو وحدانيته ) لأن جاحد ذلك مشرك بالله تعالى ( أو ) جحد ( صفة من صفاته ) اللازمة ، قاله في " الرعاية " ، لأنه كجاحد الوحدانية ، وفي الفصول : شرطه أن تكون الصفة متفقا على إثباتها ، أو ( اتخذ لله صاحبة أو ولدا ) لأنه تعالى نزه نفسه عن ذلك ، ونفاه عنه ، فمتخذه مخالف له غير منزه له عن ذلك ( أو جحد نبيا ) لأنه مكذب لله جاحد لنبوة نبي من أنبيائه ، ( أو ) جحد ( كتابا من كتب الله ، أو شيئا منه ) لأن جحد شيء منه كجحده كله ، لاشتراكهما في كون الكل من عند الله تعالى ( أو سب الله ، أو رسوله ، كفر ) لأنه لا يسب واحدا منهما إلا وهو مكذب جاحد به ، وكذا إذا ادعى النبوة ، قال الشيخ تقي الدين : أو كان مبغضا لرسوله ، ولما جاء به اتفاقا .

                                                                                                                          فرع : إذا كذب على نبي من الأنبياء ، وقيل : مستحلا ، أو قذفه ، كفر ، وإن استحل الكذب المحرم على غيره كفر ، وإن كذبه فيما يعلم صدقه فيه غير مستحل أثم ، فإن اعترف به عزر ، فإن تاب من الكذب عليه - عليه السلام - قبلت في ظاهر كلام الأصحاب ، وغيرهم ، وحكى ابن الصلاح ، عن أحمد ، وطائفة : أنها لا تقبل ، ونقل عبد الله : فلهذا عن أحمد تقبل فيما بينه وبين الله تعالى [ ص: 172 ] ولا يكتب عنه حديث ، رواه الخلال .

                                                                                                                          وإن كذب نصراني موسى عليه السلام خرج من دينه ، لأن عيسى صدق به ، لأنه لم يصدق بعيسى ولا بشر له .




                                                                                                                          الخدمات العلمية