الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ومن شرطه أن يلبس الجميع بعد كمال الطهارة إلا الجبيرة على إحدى الروايتين .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ومن شرطه أن يلبس الجميع بعد كمال الطهارة ) هذا هو المشهور ، والمجزوم به عند المعظم ، لما روى أبو بكرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ، وللمقيم يوما وليلة ، إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما رواه الشافعي ، [ ص: 139 ] وابن خزيمة ، والطبراني ، وحسنه البخاري ، وقال : هو صحيح الإسناد ، والطهر المطلق ينصرف إلى الكامل ، ولأن ما اشترطت له الطهارة اشترط كمالها كمس المصحف ، والثانية : لا ، اختارها الشيخ تقي الدين وفاقا لأبي حنيفة لما روى المغيرة بن شعبة قال : كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر ، فأهويت لأنزع خفيه ، فقال : دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين متفق عليه ، ولفظه للبخاري ، وهو أعم أن يوجد ذلك معا ، أو واحدة بعد أخرى ، لأن حدثه حصل بعد كمال الطهارة ، واللبس ، فجاز المسح كما لو نزع الأول ، ثم لبسه ، فلو غسل رجلا ، ثم أدخلها الخف خلع ، ثم لبس بعد غسل الأخرى ، وإن لبس الأولى طاهرة ، ثم الثانية ، خلع الأولى ، وظاهر كلام أبي بكرة : والثانية ، ولو نوى جنب رفع حدثيه ، وغسل رجليه ، وأدخلهما الخف ، ثم تمم طهارته ، أو فعله محدث ، ولم يعتبر الترتيب فإنه يمسح ، وعلى الأولى : لا ، وكذا لبس عمامة قبل طهر كامل ، فلو مسح رأسه ، ثم لبسها ، ثم غسل رجليه ، مسح على الثانية ، وعلى الأولى يخلع ثم يلبس ، وكذا ينبني عليهما : لو غسل رجليه ، ثم لبس خفيه ، ثم غسل بقية أعضائه ، وقلنا : لا ترتيب ، وإن تيمم ثم لبس الخف لم يجز المسح ، نص عليه ، لأن التيمم لا يرفع حدثا على المذهب ، وقيل : بالجواز بناء على أنه رافع ، قال الشيخ تقي الدين : هذا فيمن تيممه لعدم الماء ، أما من تيمم لمرض كالجريح ، ونحوه ، فينبغي أن يكون كالمستحاضة ، وتعليلهم يقتضيه ، ومن توضأ بسؤر المشكوك فيه ، ثم لبس ، ثم توضأ منه مرة أخرى ، فله المسح ، ولا يمسح على طهارة لا تبيح الصلاة غير هذه ، وكلامه شامل لأصحاب الأعذار كمن به سلس البول ، والمستحاضة ، ونحوهما ، وهو المنصوص ، لأن طهارتهم في حقهم كاملة . فلو زال العذر [ ص: 140 ] لزمهم الخلع ، واستئناف الطهارة كالمتيمم يجد الماء بخلاف ذي الطهر الكامل يخلع ، أو تنقضي المدة ، وقد علم مما سبق اشتراط تقدم الطهارة ، وهو المعروف . قال في " المغني " : بغير خلاف نعلمه ، وحكى الشيرازي رواية بعدمه رأسا .

                                                                                                                          فلو لبس محدثا ، ثم توضأ ، وغسل رجليه جاز له المسح ، وهو غريب بعيد .

                                                                                                                          مسألة : يكره اللبس على طهارة يدافع أحد الأخبثين ، نص عليه ، لأنه يراد للصلاة أشبه الصلاة .

                                                                                                                          ( إلا الجبيرة على إحدى الروايتين ) فإنه لا يشترط لها تقدم الطهارة قدمها ابن تميم ، واختارها الخلال ، وابن عقيل ، وصاحب " التلخيص " فيه ، والمؤلف ، وجزم بها في " الوجيز " للأخبار ، وللمشقة ، لأن الجرح يقع فجأة ، أو في وقت لا يعلم الماسح وقوعه فيه ، والثانية : يشترط اختاره القاضي ، والشريف ، وأبو الخطاب ، وقدمها في " الرعاية " ، و " الفروع " لأنه مسح على حائل ، أشبه الخف ، فعليها حكمها حكم الخف في الطهارة ، فإن شد على غير طهارة نزع ، وإن شق نزعها تيمم لها ، وقيل : ويمسح ، وقيل : هما ، وكذا لو تعدى بالشد محل الحاجة وخاف ، وإن كان شد على طهارة مسح فيها حائلا ، فإن كان جبيرة جاز ، وإلا فوجهان ، وكذا لبسه خفا على طهارة مسح فيها عمامة أو عكسه ، وقال ابن حامد : إن كانت في رجله ، وقد مسح عليها ، ثم لبس الخف لم يمسح عليه .

                                                                                                                          [ ص: 141 ] تنبيه : قوله على إحدى الروايتين يحتمل أن الخلاف راجع إلى ما عدا الجبيرة من الممسوح ، ويحتمل أن يعود إليها ، وهو وإن قرب ففيه بعد ، قاله ابن المنجا من جهة أن الخلاف فيها ليس مختصا بالكمال ، وأن الخلاف فيما عداها أشهر من الخلاف فيها ، فيه نظر ووجهه ظاهر .

                                                                                                                          فرع : الدواء كجبيرة ، ولو جعل في شق قارا ، وتضرر بقلعه ، فعنه : يتيمم للنهي عن الكي ، وعنه : له المسح كما لو ألقم إصبعه مرارة لحاجة ، وشق نزعها ، وعند ابن عقيل : يغسله ، وعند القاضي : إن خاف تلفا صلى وأعاد .




                                                                                                                          الخدمات العلمية