الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ولا يجوز الكلام والإمام يخطب . إلا له ، أو لمن كلمه ، ويجوز الكلام قبل الخطبة ، وبعدها ، وعنه : يجوز فيها .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ولا يجوز الكلام والإمام يخطب ) قدمه في " المحرر " ، وجزم به في " الوجيز " ، ونصره المؤلف ، وصححه في " التلخيص " ; لقوله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا [ الأعراف : 204 ] ولقوله ـ عليه السلام ـ من قال : صه ، فقد لغا ، ومن لغا فلا جمعة له رواه أحمد ، وأبو داود ، ولقوله ـ عليه السلام ـ في خبر ابن عباس : والذي يقول : انصت ليس له جمعة رواه أحمد من رواية مجالد ، ولقوله ـ عليه السلام ـ لأبي الدرداء إذا سمعت إمامك يتكلم فانصت حتى يفرغ رواه أحمد ، وظاهره : لا فرق بين القريب والبعيد ، سمع الخطبة [ ص: 176 ] أو لا ، وقيل : وحالة الدعاء المشروع ، وعنه : يحرم على سامع ، اختاره القاضي وجمع ، وعنه : يكره مطلقا ، وعنه : يجوز ، فعلى الأول يباح ما يحتاج إليه كتحذير ضرير ونحوه ; لأنه يجوز في الصلاة ، وتشميت عاطس ، ورد السلام نطقا كإشارته به ; لأنه مأمور به لحق آدمي ، أشبه الضرير ، فدل على أنه يجب ، والثاني : يمنع من ذلك نطقا ; وهو ظاهر كلامه ; لأنه مأمور بالإنصات ، ويصلي على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا ذكر كالدعاء اتفاقا ، والأفضل لمن لا يسمع أن يشتغل بذكر الله خفية ، وقيل : بل سكوته أفضل ، فيسجد لتلاوة ، وفي " الفصول " إن بعد ، ولم يسمع همهمة الإمام جاز أن يقرأ ، وأن يذاكر في الفقه ، ولمن يسمع تسكيت المتكلم إشارة ، نص عليه ، وإشارة أخرس مفهمة ككلامه ( إلا له أو لمن كلمه ) كذا أطلقه جماعة ، وقيده في " المحرر " ، و " الفروع " لمصلحة ; لأنه ـ عليه السلام ـ كلم سليكا ، وكلمه هو رواه ابن ماجه بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة ، وسأل عمر عثمان فأجابه ، وسأل العباس بن مرداس النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الاستسقاء ، وعنه : يكرهان ، ولا منع ، كأمر إمام بمعروف ( ويجوز الكلام قبل الخطبة وبعدها ) كراهة ، لما روى مالك والشافعي بإسناد جيد عن ثعلبة بن مالك قال : كانوا يتحدثون يوم الجمعة ، وعمر جالس على المنبر ، فإذا سكت المؤذن قام عمر فلم يتكلم أحد ، حتى يقضي الخطبتين . وقيل : يكره ، وعنه : يجوز فيها ، فبالقياس على الإمام ، وعلى من كلمه ، ولم يتعرض المؤلف للكلام بين الخطبتين ، وفيه أوجه : الجواز والكراهة والتحريم ، وجعل الشيخان أصل التحريم سكوته لتنفس .



                                                                                                                          مسائل : الأولى ليس له أن يتصدق على سائل وقت الخطبة ، ولا يناوله [ ص: 177 ] إذن للإعانة على محرم ، وإلا جاز ، نص عليه ، وفي " الرعاية " يكره ، فإن كانت المسألة قبلها ثم جلس لها جاز ، كالصدقة على من لم يسأل أو سأل الإمام الصدقة لإنسان ، وقيل : يكره السؤال والتصدق في المسجد ، جزم به في " الفصول " ، وظاهر كلام ابن بطة : يحرم السؤال ، وقاله في إنشاد الضالة ، وهذا مثله ، وأولى .

                                                                                                                          الثانية : يكره العبث والشرب حال الخطبة [ إن سمعها ] وإلا جاز ، نص عليه ، قيل : لا بأس بالشراب إذا اشتد عطشه ، وجزم أبو المعالي بأنه إذن أولى ، وقال في " الفصول " : وكره جماعة شربه بعد الأذان بقطعه ; لأنه بيع منهي عنه ، وكذا شربه على أن يعطيه الثمن بعد الصلاة ; لأنه بيع ، ويتخرج الجواز للحاجة دفعا للضرر ، وتحصيلا لاستماع الخطبة .

                                                                                                                          الثالثة : يستحب لمن صلى الجمعة أن ينتظر صلاة العصر ، فيصليها في موضعه ، ذكره في " الفصول " ، و " المستوعب " ، ولم يذكره الأكثر ، ويستحب انتظار الصلاة بعد الصلاة ; لقوله ـ عليه السلام ـ إنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتموها وذكر الشيخان وجماعة جلوسه بعد فجر وعصر إلى طلوعها وغروبها ، لا في بقية الصلوات ، نص عليه ، لكن اقتصر على الفجر لفعله ـ عليه السلام ـ رواه مسلم عن جابر بن سمرة .




                                                                                                                          الخدمات العلمية