الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 155 ] باب نواقض الوضوء

                                                                                                                          وهي ثمانية : الخارج من السبيلين قليلا كان أو كثيرا نادرا أو معتادا .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          باب نواقض الوضوء .

                                                                                                                          النواقض : جمع ناقضة لا ناقض ، لأنه لا يجمع على فواعل إلا المؤنث ، وشذ : فوارس ، وهوالك ، ونواكس جمع فارس ، وهالك ، وناكس ، يقال : نقضت الشيء إذا أفسدته ، فنواقض الوضوء مفسداته ، واستعماله فيه مجاز ، كاستعماله في العلة ، وإنما حقيقته في البناء ، واستعمل في المعاني بعلاقة الإبطال .

                                                                                                                          ( وهي ثمانية : الخارج من السبيلين ) أي : على سبيل البدل واحدهما سبيل ، وهو الطريق ، وهما مخرج البول والغائط ، والمراد إلى ما هو في حكم الظاهر ، ويلحقه حكم التطهير ، إلا ممن حدثه دائم ( قليلا كان ) الخارج ( أو كثيرا ) ذكر لمقابلة الأول ، وهو مغن عنه ( نادرا أو معتادا ) فالمعتاد كالبول ، والغائط ، فينقض إجماعا لقوله تعالى أو جاء أحد منكم من الغائط [ النساء 43 ] وقوله عليه السلام : ولكن من غائط ، وبول ، ونوم والنادر كالدود ، والحصى حتى دم الاستحاضة ، لما روى عروة ، عن فاطمة بنت أبي حبيش : أنها كانت تستحاض ، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إذا كان دم الحيض ، فإنه أسود يعرف ، فإذا كان كذلك ، فأمسكي عن الصلاة ، وإذا كان الآخر فتوضئي ، وصلي ، فإنما هو دم عرق رواه أبو داود ، والدارقطني ، وقال : إسناده كلهم ثقات . فقد أمر بالوضوء لكل صلاة ، ودمها غير معتاد ، ولأنه خارج من السبيل ، أشبه المعتاد ، مع أنه لا يخلو عن بلة تتعلق به ، فينتقض بها ، وهو شامل للمني [ ص: 156 ] والريح ، وإن خرجت من القبل على المشهور ، لعموم قوله عليه السلام : لا وضوء إلا من صوت أو ريح رواه الترمذي ، وصححه من حديث أبي هريرة ، وقال أبو الحسين : قياس المذهب النقض بالريح من قبل المرأة دون قبل الرجل ، وعلله ابن عقيل : لأن قبلها له منفذ إلى الجوف ، بخلاف الرجل ، وريح الدبر إنما نقض لاستصحابه جزءا لطيفا من النجاسة بدليل نتنها ، وكما إذ أقطر في فرجه دهنا ، ثم سال ، أو احتشى قطنا ثم خرج منه ، أو كان في وسط القطن ميل ، فسقط بلا بلة في وجه إناطة بالمظنة ، ولا نقض في آخر ، لانتفاء الخارج ، فإن تيقن خروج بلة نقض على الأعرف ، وأبعد من قال : لا نقض حتى يخرج بول ، قاله الزركشي ، وتبعيده بعيد ، فإنه ظاهر ، نقله عبد الله ، واختاره القاضي ، وفي وجه : ينقض الدهن دون غيره ، وفي نجاسة الدهن وجهان ، لنجاسة باطنه ، أو لأنه باطن ، فلم يتنجس به ، كنخامة الحلق ، وهو مخرج القيء ، وكذا إذا طهرت مقعدته يعلم أن عليها بللا ، ولم ينفصل ، فإنه ينتقض على المنصوص ، وكذا طرف مصران ، أو رأس دودة ، وخرج منه ما إذا احتقن ، ولم يخرج منها شيء ، أو وطئ في الفرج ، أو دونه ، فدخل فرجها ، ولم يخرج في وجه ، ومجرد الحقنة فيها أوجه ، ثالثها : ينقض من دبره ، وظاهر كلامهم فيما تحمله ، لا فرق بين كون طرفه خارجا ، أو لا .




                                                                                                                          الخدمات العلمية