الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          والواجب من ذلك القيام والتكبيرات والفاتحة ، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأدنى دعاء للميت والسلام . وإن كبر الإمام خمسا ، كبر بتكبيره ، وعنه : لا يتابع في زيادة على أربع ، وعنه : يتابع إلى سبع .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( الواجب من ذلك التكبيرات ) الأربع ، لما روى ابن عباس ، وأبو هريرة ، وجابر أنه ـ عليه السلام ـ كبر أربعا متفق عليه . فلو نقص تكبيرة عمدا بطلت ، وسهوا يكره ما لم يطل الفصل ، وقيل : يعيدها لفعل أنس ، والمنصوص أنه لا يستأنفها إلا إذا أطال أو وجد مناف من كلام أو نحوه ( الفاتحة ) ولم يوجب الشيخ تقي الدين قراءة ، بل استحبها ; وهو ظاهر نقل أبي طالب ( والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ) لقوله لا صلاة لمن لا يصلي على نبيه ، وقال ابن تميم : وإن قلنا لا تجب في الصلاة لم تجب هنا ( وأدنى دعاء للميت ) لأنه هو المقصود ، فلا يجوز الإخلال به ( والسلام ) لأنه ـ عليه السلام ـ كان يسلم على الجنائز ، وقال : صلوا كما رأيتموني أصلي والمراد به واحدة ، وعنه : ثنتان ، وظاهر ما ذكره في " المستوعب " ، و " الكافي " أنه يتعين القراءة في الأولى ، والصلاة في الثانية ، والدعاء في الثالثة ، وقدم في " الفروع " خلافه ، ويشترط لها النية ، فينوي الصلاة على الميت ، ولا يضر جهله بالذكر وغيره ، فإن جهله نوى من يصلي عليه الإمام ، وإن نوى أحد الموتى اعتبر تعيينه ، فإن نوى على رجل فبان امرأة أو عكسه فقال أبو المعالي : يجزئه لقوة التعيين على الصفة ، والقيام في فرضها ، لأنها فرض كفاية ، فيجب فيها القيام كالمكتوبة ، فلا تصح من قاعد ، ولا على راحلة بلا عذر ، وظاهره : ولو تكررت إن قيل : فرض . والمؤلف ترك ذكرهما لظهورهما ، وإسلام الميت [ ص: 256 ] والطهارة من حدث ونجس ، والاستقبال والسترة كمكتوبة ، فإن تعذر تطهير الميت صلي عليه ، وحضور الميت بين يدي المصلي ، ولا تصح على جنازة محمولة ، ذكره جماعة في المسبوق ، لأنها كإمام ، ولهذا لا صلاة بدون الميت ، وقال المجد وغيره : قربها من الإمام مفصولة كقرب المأموم من الإمام ; لأنه يسن الدنو منها ، ولو صلى ; وهي من وراء جدار لم يصح .

                                                                                                                          ( وإن كبر الإمام خمسا كبر بتكبيره ) نقله الأثرم ، واختاره الخرقي ، وقدمه في " التلخيص " ، وذكر في " الشرح " أنه ظاهر المذهب لما روى مسلم عن زيد بن أرقم أنه كبر على الجنازة خمسا ، وقال : كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يكبرها ، وعن حذيفة نحوه ، رواه أحمد ( وعنه لا يتابع في زيادة على أربع ) نقلها حرب ، واختارها ابن عقيل ، وجزم به في " الوجيز " ; وهو المذهب ، قاله أبو المعالي ، لأنه زاد على القدر المشروع فلم يتبعه كالقنوت في الأولى ، وكما لو زاد على عدد الركعات ، وكما لو علم أو ظن بدعة ، وأجاب الثوري عما سبق بالنسخ بالإجماع ، وفيه نظر ( وعنه يتابع إلى سبع ) نقله الجماعة ، واختارها أكثر الأصحاب ، وقدمها في " المحرر " ، و " الفروع " ; لأنه عليه السلام كبر على حمزة سبعا رواه ابن شاهين ، وعن الحكم بن عتيبة قال : كانوا يكبرون على أهل بدر خمسا ، وستا ، وسبعا رواه سعيد ، ولأن المأموم يتابع إمامه في تكبيرات العيد ، فكذا هنا ، وظاهره أنه لا يتابعه فيما زاد عليها ، قال أحمد : هو أكثر ما جاء فيه ، ولا تبطل مجاوزة سبع ، نص عليه ، وينبغي أن يسبح بعدها لا قبلها ، قاله أحمد ، وذكر ابن حامد وجها : تبطل مجاوزة أربع عمدا ، وبكل تكبيرة لا يتابع [ ص: 257 ] فيها ، وفي " الخلاف " قول أحمد في رسالة مسدد : خالفني الشافعي في هذا فقال : إذا زاد على أربع تعاد الصلاة ، واحتج بحديث النجاشي قال أحمد : والحجة له ، ويمكن الجمع بينهما ، فإن المداومة على أربع تدل على الفضيلة ، وغيرها يدل على الجواز فتتعين المتابعة ، وإذا لم يتابع في الزيادة فلا يجوز للمأموم السلام قبله ، نص عليه ، لأنها زيادة مختلف فيها ، وذكر أبو المعالي وجها : ينوي مفارقته ويسلم ، كما لو قام إلى خامسة ، وعجب أحمد من ذلك مع ما ورد ، قال ابن مسعود : كبر ما كبر إمامك .

                                                                                                                          تنبيه : المنفرد كإمام في زيادة ، ولو كبر فجيء بثانية أو أكثر ، وكبر الإمام ، ونواهما جاز ، نص عليه ، إذا بقي من تكبيره أربع ، فيقرأ في الخامسة ، ويصلي [ على النبي - صلى الله عليه وسلم - ] في السادسة ، ويدعو في السابعة ، ولو جيء بخامسة لم يكبر عليها الخامسة لئلا يفضي إلى زيادة التكبير على سبع ، أو نقصان الخامسة من أربع ، وكلاهما ممنوع ، فإن أراد أهل الجنازة الأولى رفعها قبل سلام الإمام لم يجز ; لأن الصلاة لا تتم إلا به ، ويستحب للمسبوق إذا حضر بين تكبيرتين أن يحرم ويدخل معه كالصلاة ، وعنه : ينتظر تكبيره ; لأن كل تكبيرة كركعة ، فلا يشتغل بقضائها ، ورده المؤلف بأن هذا ليس اشتغالا بقضاء ما فاته ، وإنما يصلي معه ما أدركه ، وخيره في " الفصول " كسائر الصلوات ، وإن أدركه بعد الرابعة فمسألتها : إن شرع بعد ذكر كبر وتبعه




                                                                                                                          الخدمات العلمية