الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          الخامس : الرقاب وهم المكاتبون ، ويجوز أن يفدي بها أسيرا مسلما ، نص عليه ، وهل يجوز أن يشتري منها رقبة يعتقها ، على روايتين .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( الخامس : الرقاب ) للنص ( وهم المكاتبون ) واحده مكاتب ، ولا يختلف المذهب أنهم من الرقاب بدليل قوله : أعتقت رقابي ، فإنه يشملهم ، وفي قوله تعالى : فكاتبوهم الآية إشعار به ، ولأنه يملك المال على سيده ، ويصرف إليه أرش جنايته ، فكان له الأخذ منها إن لم يجد وفاء كالغريم ، فإن عتق بأداء أو إبراء ، فما فضل معه ، فهل هو له كما لو فضل معه شيء من صدقة التطوع أو للمعطي ؛ فيه وجهان ، ويعطى قبل حلولها لئلا يؤدي إلى فسخها ، ولو مع القوة والكسب ، نص عليه ، وقيل : إذا حل نجم ، قال جماعة : وكذا من علق عتقه لمجيء المال ، ويستثنى منه المكاتب كتابة فاسدة ، والكافر ؛ لأنه ليس من مصرف الزكاة .

                                                                                                                          [ ص: 422 ] فرع : لا يدفع إلى المكاتب بحكم الفقر شيء ؛ لأنه عبد ، ( ويجوز أن يفدي بها أسيرا مسلما ، نص عليه ) اختاره جماعة ؛ لأنه فك رقبة من الأسر ، أشبه المكاتب ، والحاجة داعية إليه ؛ لأنه يخاف عليه القتل أو الردة لحبسه في أيدي العدو ، فهو أشد من حبس القن في الرق ، وعنه : لا ، قدمه غير واحد ؛ وهو قول أكثر العلماء ، وقال أبو المعالي : وكذا لو دفع إلى فقير مسلم غرمه السلطان مالا ليدفع جوره ( وهل يجوز أن يشتري منها رقبة يعتقها ؛ على روايتين ) إحداهما : يجوز ، جزم به في " الوجيز " وغيره ؛ لظاهر الآية ، فإن الرقبة إذا أطلقت تنصرف إليه ، فجاز صرفها فيه كالمكاتب ، وشرطها أن يكون ممن لا يعتق عليه بالملك ، وكلامه مشعر بذلك ، والثانية : لا يجوز ، قال في رواية أبي طالب : كنت أقول : يعتق من زكاة ماله ، ولكن أهابه ؛ لأنه نجز الولاء ؛ ولأن ظاهر الآية ينتفي الدفع إلى الرقاب ؛ لقوله تعالى : وفي سبيل الله المراد بها الدفع إلى الغزاة ، والدفع إلى العبد لا يلزم منه فك الرقبة ، وبالغ ابن عقيل فادعى أن أحمد رجع عن الأولى لظاهر هذه الرواية ، وليس هو كذلك ، بل على سبيل الورع ؛ لأن ما رجع من الولاء رد في مثله ، فلا ينتفع إذا بإعتاقه من الزكاة ، وعنه : الرقاب عبيد يشترون من الزكاة ، ويعتقون خاصة ، وعنه : لا يعتق منها رقبة كاملة بل يعين في ثمنها ، فإن جاز ، فأعتق عبده أو مكاتبه عن زكاته ، ففي الجواز وجهان ، ولو علق العتق بشرط ، ثم نواه من الزكاة عند الشرط لم تجزئه .

                                                                                                                          فرع : يجوز الدفع إلى سيد المكاتب بلا إذنه ، قال الأصحاب : وهو الأولى ، كما يجوز ذلك للإمام ، فإن رق لعجزه أخذت من سيده ، ولو بلغت [ ص: 423 ] الزكاة بيد المكاتب أجزأت ، ولم يغرمها ، عتق أو رد رقيقا .




                                                                                                                          الخدمات العلمية