الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          السابع : في سبيل الله وهم الغزاة الذين لا ديوان لهم ولا يعطى منها في الحج ، وعنه : يعطى الفقير ما يحج به الفرض ، أو يستعين به فيه .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( السابع : في سبيل الله ) للنص ( وهم الغزاة ) ؛ لأن السبيل عند الإطلاق هو الغزو ؛ لقوله تعالى : قاتلوا في سبيل الله [ البقرة : 190 ] ، إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا [ الصف : 4 ] إلى غير ذلك من النصوص ، ولا خلاف في استحقاقهم وبقاء حكمهم ، بشرط أن يكونوا متطوعة ، وهذا مراده بقوله ( الذين لا ديوان لهم ) أي : لا حق لهم في الديوان ؛ لأن من له رزق راتب يكفيه فهو مستغن به ، فيدفع إليهم كفاية غزوهم وعودهم ، ولا يجوز أن يشتري من الزكاة فرسا يصير حبيسا في الجهاد ، ولا دارا وضيعة للرباط أو يقفها على الغزاة ، ولا غزوه على فرس أخرجه من زكاته ، نص عليه ، لا [ ص: 425 ] إذا اشترى الإمام بزكاة رجل فرسا ، فله دفعها إليه يغزو عليها ، كما له أن يرد عليه زكاته لفقره ، ( ولا يعطى منها في الحج ) في رواية اختارها في " المغني " ، وصححها في " الشرح " ، وقاله أكثر العلماء ؛ لأن سبيل الله حيث أطلق ينصرف إلى الجهاد غالبا ، والزكاة لا تصرف إلا لمحتاج إليها كالفقير أو من يحتاجه المسلمون كالعامل ، والحج لا نفع فيه للمسلمين ، ولا حاجة بهم إليه ، والفقير لا فرض في ذمته فيسقطه ، وإن أراد به التطوع ، فتوفير هذا القدر على ذوي الحاجة أو صرفها في مصالح المسلمين أولى ، ( وعنه : يعطى الفقير ) فهو من السبيل ، نص عليه ؛ وهو المذهب ، روي عن ابن عباس وابن عمر ، لما روى أبو داود : " أن رجلا جعل ناقة في سبيل الله ، فأرادت امرأته الحج فقال : لها النبي - صلى الله عليه وسلم - اركبيها ، فإن الحج في سبيل الله " ويشترط له الفقر ، ومعناه أن يكون ليس له ما يحج به سواها ، وقيل : لا ؛ وهو ظاهر " الوجيز " فيجوز للغني كوصيته بثلثه في السبيل ، ذكره أبو المعالي ، ( قدر ما يحج به الفرض أو يستعين به فيه ) جزم به غير واحد ؛ لأنه يحتاج إلى إسقاط الفرض ، والتطوع له عنه مندوحة ، ولكن ذكر القاضي جوازه في النفل كالفرض ؛ وهو ظاهر كلام أحمد والخرقي ، وصححه بعضهم ؛ لأن كلا في سبيل الله ، والفقير لا فرض عليه ، فهو منه كالتطوع ، فعلى هذا يدفع إليه ما يحج به حجة كاملة ، وما يعينه في حجه ، وعلم منه أنه لا يجوز أن يحج من زكاة نفسه ، كما لا يجوز أن يغزو بها .

                                                                                                                          فرع : العمرة في ذلك كالحج ، نقل جعفر : العمرة في سبيل الله .




                                                                                                                          الخدمات العلمية