الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة السادسة

[ شروط المسح على الخفين ]

وأما شرط المسح على الخفين ، فهو أن تكون الرجلان طاهرتين بطهر الوضوء ، وذلك شيء مجمع عليه إلا خلافا شاذا . وقد روي عن ابن القاسم عن مالك . ذكره ابن لبابة في المنتخب ، وإنما قال به الأكثر لثبوته في حديث المغيرة وغيره إذا أراد أن ينزع الخف عنه ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : " دعهما فإني أدخلتهما وهما طاهرتان " والمخالف حمل هذه الطهارة على الطهارة اللغوية .

واختلف الفقهاء من هذا الباب فيمن غسل رجليه ولبس خفيه ، ثم أتم وضوءه هل يمسح عليهما ؟ فمن لم ير أن الترتيب واجب ورأى أن الطهارة تصح لكل عضو قبل أن تكمل الطهارة لجميع الأعضاء قال بجواز ذلك ، ومن رأى أن الترتيب واجب ، وأنه لا تصح طهارة العضو إلا بعد طهارة جميع أعضاء الطهارة لم يجز ذلك ، وبالقول الأول قال أبو حنيفة ، وبالقول الثاني قال الشافعي ومالك ، إلا أن مالكا لم يمنع ذلك من جهة الترتيب ، وإنما منعه من جهة أنه يرى أن الطهارة لا توجد للعضو إلا بعد كمال جميع الطهارة ، وقد قال - عليه الصلاة والسلام - : " وهما طاهرتان " فأخبر عن الطهارة الشرعية .

وفي بعض روايات المغيرة : " إذا أدخلت رجليك في الخف وهما طاهرتان فامسح عليهما " وعلى هذه الأصول يتفرع الجواب فيمن لبس أحد خفيه بعد أن غسل إحدى رجليه وقبل أن يغسل الأخرى ; فقال مالك : لا يمسح على الخفين ; لأنه لابس للخف قبل تمام الطهارة ، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق .

وقال أبو حنيفة والثوري والمزي والطبري وداود : يجوز له المسح ، وبه قال جماعة من أصحاب مالك ، منهم مطرف وغيره ، وكلهم أجمعوا أنه لو نزع الخف الأول بعد غسل الرجل الثانية ، ثم لبسها جاز له المسح ، وهل من شرط المسح على الخف أن لا يكون على خف آخر عن مالك فيه قولان .

وسبب الخلاف : هل كما تنتقل طهارة القدم إلى الخف إذا ستره الخف ، كذلك تنتقل طهارة الخف الأسفل الواجبة إلى الخف الأعلى ؟ فمن شبه النقلة الثانية بالأولى أجاز المسح على الخف الأعلى ، ومن [ ص: 24 ] لم يشبهها بها وظهر له الفرق لم يجز ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية