الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ الفصل الثاني ]

[ في عدة ملك اليمين ]

وأما الأمة المتوفى عنها من تحل له ، فإنها لا تخلو أن تكون زوجة ، أو ملك يمين ، أو أم ولد ، أو غير أم ولد .

فأما الزوجة : فقال الجمهور : إن عدتها نصف عدة الحرة قاسوا ذلك على العدة . وقال أهل الظاهر : بل عدتها عدة الحرة ، وكذلك عندهم عدة الطلاق مصيرا إلى التعميم .

وأما أم الولد : فقال مالك ، والشافعي ، وأحمد ، والليث ، وأبو ثور ، وجماعة : عدتها حيضة ، وبه قال ابن عمر . وقال مالك : وإن كانت ممن لا تحيض اعتدت ثلاثة أشهر ، ولها السكنى ; وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري : عدتها ثلاث حيض ، وهو قول علي ، وابن مسعود . وقال قوم : عدتها نصف عدة الحرة المتوفى عنها زوجها . وقال قوم : عدتها عدة الحرة أربعة أشهر وعشر .

وحجة مالك : أنها ليست زوجة فتعتد عدة الوفاة ، ولا مطلقة فتعتد ثلاث حيض ، فلم يبق إلا استبراء رحمها ، وذلك يكون بحيضة تشبيها بالأمة يموت عنها سيدها ، وذلك ما لا خلاف فيه .

وحجة أبي حنيفة : أن العدة إنما وجبت عليها وهي حرة وليست بزوجة فتعتد عدة الوفاة ، ولا بأمة فتعتد عدة أمة ، فوجب أن تستبرئ رحمها بعدة الأحرار .

وأما الذين أوجبوا لها عدة الوفاة فاحتجوا بحديث روي عن عمرو بن العاص قال : " لا تلبسوا علينا سنة نبينا ، عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشر " ، وضعف أحمد هذا الحديث ولم يأخذ به .

وأما من أوجب عليها نصف عدة الحرة تشبيها بالزوجة الأمة : فسبب الخلاف أنها مسكوت عنها ، وهي مترددة الشبه بين الأمة والحرة . وأما من شبهها بالزوجة الأمة فضعيف ، وأضعف منه من شبهها بعدة الحرة المطلقة ، وهو مذهب أبي حنيفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية