الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              فصل

              وعلى هذا الأصل تتركب فوائد .

              منها أن كل شيء بينه وبين الآخر تبعية جار في الحكم مجرى التابع والمتبوع المتفق عليه ما لم يعارضه أصل آخر كمسألة الإجارة [ ص: 453 ] على الإمامة مع الأذان ، أو خدمة المسجد ، ومسألة اكتراء الدار تكون فيها الشجرة ، أو مساقاة الشجر يكون بينها البياض اليسير ، ومسألة الصرف والبيع إذا كان أحدهما يسيرا ، وما أشبه ذلك من المسائل التي تتلازم في الحس ، أو في القصد ، أو في المعنى ، ويكون بينها قلة ، وكثرة ، فإن للقليل مع [ ص: 454 ] الكثير حكم التبعية ثبت ذلك في كثير من مسائل الشريعة ، وإن لم يكن بينهما تلازم في الوجود ولكن العادة جارية بأن القليل إذا انضم إلى الكثير في حكم الملغى قصدا فكان كالملغى حكما .

              ومنها أن كل تابع قصد فهل تكون زيادة الثمن لأجله مقصودة على الجملة لا على التفصيل أم هي مقصودة على الجملة والتفصيل ؟ والحق الذي تقتضيه التبعية أن يكون القصد جمليا لا تفصيليا ; إذ لو كان تفصيليا لصار إلى حكم الاستقلال فكان النهي واردا عليه فامتنع ، وكذلك يكون إذا فرض هذا القصد ، فإن كان جمليا صح بحكم التبعية ، وإذا ثبت حكم التبعية فله جهتان .

              جهة زيادة الثمن لأجله وجهة عدم القصد إلى التفصيل فيه .

              فإذا فات ذلك التابع فهل يرجع بقيمته أم لا يختلف في ذلك ولأجله اختلفوا في مسائل داخلة تحت هذا الضابط كالعبد إذا رد بعيب وقد كان أتلف ماله فهل يرجع على البائع بالثمن كله أم لا ، وكذلك ثمرة الشجرة وصوف الغنم ، وأشباه ذلك .

              [ ص: 455 ] ومنها قاعدة الخراج بالضمان فالخراج تابع للأصل .

              فإذا كان الملك حاصلا فيه شرعا فمنافعه تابعة سواء طرأ بعد ذلك استحقاق أو لا ، فإن طرأ الاستحقاق بعد ذلك كان كانتقال الملك على الاستئناف ، وتأمل مسائل الرجوع بالغلات في الاستحقاق ، أو عدم الرجوع تجدها جارية على هذا الأصل .

              ومنها في تضمين الصناع ما كان تابعا للشيء المستصنع فيه هل يضمنه الصانع كجفن السيف ، ومنديل الثوب وطبق الخبز ، ونسخة الكتاب المستنسخ ، ووعاء القمح ، ونحو ذلك بناء على أنه تابع كما يضمن نفس المستصنع أم لا ، فلا يضمن لأنه وديعة عند الصانع .

              [ ص: 456 ] ومنها في الصرف ما كان من حلية السيف والمصحف ونحوهما تابعا وغير تابع ، ومسائل هذا الباب كثيرة .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية