الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 17 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                          قال شيخنا الإمام العلامة ، الحبر المحقق ، والمجتهد المدقق ، كاشف الفروع والأصول ، مبين المعقول والمنقول ، إمام الأئمة وزاهدها ، وجهبذ الأحاديث النبوية وناقدها ، أستاذ علماء الآفاق ، والمجمع عليه بالاتفاق ، المخصوص بالمواهب الإلهية ، والقائم بأعباء الشريعة المحمدية ، قاضي القضاة ، برهان الدين ، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي ، تغمده الله برحمته ، وأسكنه فسيح جنته ، بمنه وكرمه :

                                                                                                                          الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه ، ورفع قدر العلم وعظمه ، ووفق للتفقه في دينه من اختاره وفهمه .

                                                                                                                          أحمده حمدا يعصم من نقمه ، ويتكفل بدوام نعمه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، عالم خفيات الأسرار ، وغافر الخطيئات والأوزار . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه ، وخليله ، الداعي إلى سبيل ربه بالحكمة ، والكاشف برسالته جلابيب الغمة ، صلى الله عليه وعلى آله الكرام ، وأصحابه الحائزين من رضى الله أقصى المرام ، وسلم وكرم ، وشرف وعظم .

                                                                                                                          [ ص: 18 ] وبعد; فإن الاشتغال في العلم من أفضل القربات ، وأجل الطاعات ، وآكد العبادات ، خصوصا علمي الحلال والحرام ، الذي به قوام الأنام ، ويتوصل به إلى العمل بالأولى والأحرى ، وتحصل به السعادة في الأولى ، ورفع الدرجات في الأخرى .

                                                                                                                          وكنت قرأت فيه كتاب " المقنع " لشيخ الإسلام العلامة موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة ، تغمده الله برحمته وأسكنه بحبوحة جنته . وهو من أجلها تصنيفا ، وأجملها ترصيفا ، وأغزرها علما ، وأعظمها تحريرا ، وأحسنها ترتيبا وتقريرا . فتصديت لأن أشرحه شرحا يبين حقائقه ، ويوضح دقائقه ، ويذلل من اللفظ صعابه ، ويكشف عن وجه المعاني نقابه ، أنبه فيه على ترجيح ما أطلق ، وتصحيح ما أغلق . واجتهدت في الاختصار خوف الملل والإضجار ، ووسمته بـ : " المبدع في شرح المقنع " ، والله أسأل أن ينفع به ، ويجعله خالصا لوجهه الكريم ، إنه غفور رحيم .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية