الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية

                                                                                                                                                                                                                                      الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 13 ] معنى الفاتحة في الأصل أول ما من شأنه أن يفتتح به ، ثم أطلقت على أول كل شيء كالكلام ، والتاء للنقل من الوصفية إلى الاسمية ، فسميت هذه السورة فاتحة الكتاب لكونه افتتح بها ، إذ هي أول ما يكتبه الكاتب من المصحف ، وأول ما يتلوه التالي من الكتاب العزيز ، وإن لم تكن أول ما نزل من القرآن .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد اشتهرت هذه السورة الشريفة بهذا الاسم في أيام النبوة .

                                                                                                                                                                                                                                      قيل هي مكية ، وقيل مدنية .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد أخرج الواحدي في أسباب النزول ، والثعلبي في تفسيره عن علي رضي الله عنه قال : نزلت فاتحة الكتاب بمكة من كنز تحت العرش .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في دلائل النبوة ، والثعلبي والواحدي من حديث عمر بن شرحبيل أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما شكا إلى خديجة ما يجده عند أوائل الوحي ، فذهبت به إلى ورقة فأخبره فقال له : إذا خلوت وحدي سمعت نداء خلفي : يا محمد يا محمد يا محمد فأنطلق هاربا في الأرض ، فقال : لا تفعل ، إذا أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول ثم ائتني فأخبرني ، فلما خلا ناداه يا محمد قل : بسم الله الرحمن الرحيم ، حتى بلغ ولا الضالين الحديث .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن رجل من بني سلمة قال : لما أسلمت فتيان بني سلمة وأسلم ولد عمرو بن الجموح قالت امرأة عمرو له : هل لك أن تسمع من أبيك ما روي عنه ؟ فسأله فقرأ عليه : ( الحمد لله رب العالمين ) ، وكان ذلك قبل الهجرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو بكر بن الأنباري في المصاحف عن عبادة قال : فاتحة الكتاب نزلت بمكة .

                                                                                                                                                                                                                                      فهذا جملة ما استدل به من قال إنها نزلت بمكة .

                                                                                                                                                                                                                                      واستدل من قال إنها نزلت بالمدينة بما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ، وأبو سعيد بن الأعرابي في معجمه ، والطبراني في الأوسط من طريق مجاهد بن أبي هريرة " رن إبليس حين أنزلت فاتحة الكتاب " وأنزلت بالمدينة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وأبو نعيم في الحلية وغيرهم من طرق عن مجاهد قال : نزلت فاتحة الكتاب بالمدينة ، وقيل : إنها نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة جمعا بين هذه الروايات .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية