الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 55 ] سورة البقرة

                                                                                                                                                                                                                                      مقصودها إقامة الدليل على [ أن ] الكتاب [ هدى ] ليتبع في كل [ ما ] قال ، وأعظم ما يهدي إليه الإيمان بالغيب ، ومجمعه الإيمان بالآخرة ، فمداره الإيمان بالبعث الذي أعربت عنه قصة البقرة [ التي مدارها الإيمان بالغيب ] ، فلذلك سميت بها السورة [ ص: 56 ] وكانت بذلك أحق من قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأنها في نوع البشر ومما تقدمها في قصة بني إسرائيل من الإحياء بعد الإماتة بالصعق وكذلك ما شاكلها ، لأن الإحياء في قصة البقرة عن سبب ضعيف في الظاهر بمباشرة من كان من آحاد الناس فهي أدل على القدرة ولا سيما وقد أتبعت بوصف القلوب والحجارة [ بما عم ] المهتدين بالكتاب والضالين ، فوصفها بالقسوة الموجبة للشقوة ووصفت الحجارة بالخشية الناشئة في الجملة عن التقوى المانحة للمدد المتعدي نفعه إلى عباد الله ، وفيها إشارة إلى أن هذا الكتاب فينا كما لو كان فينا خليفة من أولي العزم من الرسل يرشدنا في كل أمر إلى صواب [ ص: 57 ] المخرج منه ، فمن أعرض خاب ، ومن تردد كاد ، ومن أجاب اتقى وأجاد .

                                                                                                                                                                                                                                      وسميت الزهراء لإنارتها طريق الهداية والكفاية في الدنيا والآخرة ، ولإيجابها إسفار الوجوه في يوم الجزاء لمن آمن بالغيب ولم يكن في شك مريب فيحال بينه وبين ما يشتهي . وبالسنام لأنه ليس في الإيمان بالغيب بعد التوحيد الذي هو الأساس الذي ينبني عليه كل خير والمنتهى الذي هو غاية السير والعالي على كل غير بأعلى [ ص: 58 ] ولا أجمع من الإيمان بالآخرة ، ولأن السنام أعلى ما في بطن المطية الحاملة ، والكتاب الذي هي سورته هو أعلى ما في الحامل للأمر وهو الشرع الذي أتاهم به رسولهم صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية