الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أحمد بن إبراهيم ، ثنا علي بن إسحاق ، قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك ، قال : أنبأنا عيسى بن عمر ، عن السدي ، قال : خرج عمرو بن عتبة بن فرقد فاشترى فرسا بأربعة آلاف درهم فعنفوه يستغلونه ، فقال : ما من خطوة يخطوها يتقدمها إلى عدو [ ص: 157 ] إلا وهي أحب إلي من أربعة آلاف .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : وجدت في كتاب أبي ، قال : حدثني بعض البصريين ، قال : ثنا بشر بن المفضل ، ثنا عبد الحميد بن لاحق ، عن من ذكره ، قال : كان له -يعني عمرو بن عتبة - كل يوم رغيفان يتسحر بأحدهما ويفطر بالآخر .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا الحسن بن الحسن ، ثنا عبد الله بن المبارك ، ثنا عيسى بن عمر ، قال : حدثني خوط بن رافع : أن عمرو بن عتبة كان يشترط على أصحابه أن يكون خادمهم ، قال : فخرج في الرعي في يوم حار فأتى بعض أصحابه : فإذا هو بالغمامة تظله وهو قائم ، فقال : أبشر يا عمرو ، فأخذ عليه عمرو أن لا يخبر .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا محمد بن أحمد بن سليمان ، ثنا زيد بن أخرم ، ثنا عبد الله بن داود ، عن علي بن صالح ، قال : كان عمرو بن عتبة يصلي والسبع حوله يضرب بذنبه يحميه .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن الحسين الحذاء ، أنبأنا أحمد الدورقي ، ثنا علي بن أبي إسحاق ، ثنا ابن المبارك ، ثنا الحسن بن عمرو الفزاري ، قال : حدثني مولى لعمرو بن عتبة ، قال : استيقظنا يوما حارا في ساعة حارة فطلبنا عمرو بن عتبة فوجدناه في جبل وهو ساجد وغمامة تظله ، وكنا نخرج إلى العدو فلا نتحارس لكثرة صلاته ، ورأيته ليلة يصلي فسمعنا زئير الأسد فهربنا وهو قائم يصلي لم ينصرف ، فقلنا له : أما خفت الأسد ، فقال : إني لأستحي من الله أن أخاف شيئا سواه .

              حدثنا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني محمد بن العباس صاحب الشامة ، قال : ثنا عبد الله بن داود ، عن علي بن صالح ، قال : كان عمرو بن عتبة يسوق - أو يذود - ركاب أصحابه وغمامة تظله .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : ثنا أبو العباس الهروي ، ثنا زيد بن أخرم ، ثنا عبد الله بن داود ، عن علي بن صالح ، قال : كان عمرو بن عتبة يرعى ركاب أصحابه وغمامة تظله .

              [ ص: 158 ] حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أحمد بن إبراهيم ، حدثني مثنى بن المثنى ، ثنا بشر بن المفضل ، ثنا سلمة بن علقمة ، عن محمد - يعني ابن سيرين - قال : كان عمرو بن عتبة لا يزال رجلا يتشبه به قد صحبه ، فبينما هو ليلة في فسطاط إذ جاءه أسود حتى مر في قبلة صاحب عمرو فلم ينصرف ، ثم أتى الفسطاط ، فجاء حتى انطوى على رجل عمرو فلم ينصرف ، فلما أراد أن يسجد جاء حتى انطوى في موضع سجوده فسجد عليه - أو قال : فنحاه - ثم سجد ، فلما أصبح صاحب عمرو دخل عليه فأخبره بمر الأسود بين يديه وأنه لم ينصرف وهو يرى أنه قد صنع شيئا ، فأراه عمرو وأثره على رجله وأخبره بما صنع .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا سعيد بن عامر ، عن هشام الدستوائي ، قال : لما توفي عمرو بن عتبة بن فرقد ، دخل بعض أصحابه على أخته ، فقال : أخبرينا عنه ، فقالت : قام ذات ليلة فاستفتح سورة حم فلما أتى على هذه الآية : ( وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ) فما جاوزها حتى أصبح .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي ، ثنا عنبسة بن سعيد القرشي ، ثنا ابن المبارك ، عن عيسى بن عمر ، قال : كان عمرو بن عتبة بن فرقد يخرج على فرسه ليلا فيقف على القبور فيقول : يا أهل القبور قد طويت الصحف ، وقد رفعت الأعمال ، ثم يبكي ويصف بين قدميه حتى يصبح ، فيرجع فيشهد صلاة الصبح .

              قال الشيخ رضي الله عنه : عمرو بن عتبة من كبار تابعي أهل الكوفة ، مشهور بالتعبد والزهد ، شغلته العبادة عن الرواية ، ذكر القاضي أبو أحمد العسال في تاريخه أنه لا يعرف له مسندا .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية