[ ص: 425 ] ولما طال تهديده - سبحانه - لمن أصر على إفساده ، ولم يرجع عن غيه وعناده بمثل مصارع الأولين ومهالك الماضين ، ونوع في هذه الآيات محاسن الدلالات على التوحيد والمعاد بوجوه ظاهرة وبينات قاهرة وبراهين قاطعة وحجج ساطعة ، ساق - سبحانه - تلك القصص دليلا حسيا على أن في الناس الخبيث والطيب مع الكفالة في الدلالة على تمام القدرة والغيرة من الشرك على تلك الحضرة - بتفصيل أحوال من سلفت الإشارة إلى إهلاكهم وبيان مصارعهم وأنه لم تغن عنهم قوتهم شيئا ولا كثرتهم بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=4وكم من قرية أهلكناها وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=34فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة الآية. تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتقوية لصالحي أتباعه بالتنبيه على أن الإعراض عن الآيات ليس من خواص هذه الأمة بل هي عادة الأمم السالفة ، وعلى أن النعم خاصة بالشاكرين ؛ ولذا كانت النقم مقصورة على الكافرين ، فقال تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=28639_28662_30296_32022_33953_34189_34274_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59لقد أرسلنا أي : بعظمتنا ، وافتتحه بحرف التوقع لما للسامع الفطن من التشوف إلى ذكر ما تكرر من الإشارة إليه ، ولأن اللام المجاب بها القسم المحذوف لا ينطقون بها غالبا إلا مقترنة بـ : (قد) ؛ لأن الجملة القسمية لا تساق إلا تأكيدا للجملة المقسم عليها التي هي جوابها فكانت مظنة بمعنى التوقع الذي هو معنى (قد) عند استماع المخاطب كلمة القسم
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59نوحا يعني : ابن لمك بن
[ ص: 426 ] متوشلخ بن أخنوخ وهو
إدريس - عليه السلام - وكان عند الإرسال ابن خمسين سنة .
ولما كان إرساله - صلى الله عليه وسلم - قبل القبائل باختلاف اللغات قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59إلى قومه أي : الذين كانوا ملء الأرض كما في حديث الشفاعة في الصحيحين وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي الله عنه - ائتوا
نوحا nindex.php?page=treesubj&link=34020_31828أول نبي بعثه الله إلى أهل الأرض . وفيهم من القوة على القيام بما يريدون ما لا يخفى على من تأمل آثارهم وعرف أخبارهم ، فإن كانت آثارهم فقد حصل المراد ، وإن كانت لمن بعدهم علم - بحكم قياس الاستقرار - أنهم أقوى على مثلها وأعلى منها ، ولسوق ذلك دليلا على ما ذكر جاء مجردا عن أدوات العطف ، وهو مع ذلك كله منبه على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28639جميع الرسل متطابقون على الدعوة إلى ما دل عليه برهان
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض من التوحيد والصلاح إلى غير ذلك من بحور الدلائل والحجاج المتلاطمة الأمواج - والله الهادي إلى سبيل الرشاد ، وكون
نوح - عليه السلام - رسولا إلى جميع أهل الأرض - لأنهم قومه لوحدة لسانهم - لا يقدح في تخصيص نبينا - صلى الله عليه وسلم - بعموم الرسالة ؛ لأن معنى العموم : إرساله إلى جميع الأقوام المختلفة باختلاف الألسن وإلى جميع من ينوس من الإنس والجن والملائكة ، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - في سورة الصافات لهذا مزيد بيان .
ولما كان من المقاصد العظيمة الإعلام بأن الذي دعا إليه هذا
[ ص: 427 ] الرسول لم تزل الرسل - على جميعهم أفضل الصلاة والسلام والتحية والإكرام - تدعو إليه ، وكان
نوح أول رسول ذكرت رسالته عقب ذكر إرساله بذكر ما أرسل به بالفاء بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59فقال يا قوم أي : فتحبب إليهم بهذه الإضافة
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59اعبدوا الله أي : الذي له جميع العظمة من الخلق والأمر ؛ فإنه مستحق لذلك وقد كلف عباده به .
ولما كان المقصود إفراده بذلك ، علله بقوله مؤكدا له بإثبات الجار
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59ما لكم وأغرق في النفي فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59من إله غيره ثم قال معللا أو مستأنفا مخوفا مؤكدا لأجل تكذيبهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59إني أخاف عليكم في الدنيا والآخرة ، ولعله قال هنا :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59عذاب يوم عظيم وفي (
هود ) :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=26أليم وقال في (المؤمنون) :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23أفلا تتقون لأن ترتيب السور الثلاث - وإن كان الصحيح أنه باجتهاد الصحابة - رضي الله عنهم - فلعله جاء على ترتيبها في النزول ، لأنها مكيات ، وعلى ترتيب مقال
نوح - عليه السلام - لهم فألان لهم أولا المقال من حيث إنه أوهم أن العظم الموصوف به " اليوم " لا بسبب العذاب بل لأمر آخر ، فيصير العذاب مطلقا يتناول أي : عذاب كان ولو قل ، فلما تمادى تكذيبهم بين لهم أن عظمه إنما هو من جهة إيلام العذاب الواقع فيه ، فلما لجوا في عتوهم قال لهم قول القادر إذا هدد عند مخالفة غيره له :
[ ص: 428 ] ألا تفعل ما أقول لك؟ أي متى خالفت بعد هذا عاجلتك بالعقاب وأنت تعرف قدرتي .
[ ص: 425 ] وَلَمَّا طَالَ تَهْدِيدُهُ - سُبْحَانَهُ - لِمَنْ أَصَرَّ عَلَى إِفْسَادِهِ ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ غَيِّهِ وَعِنَادِهِ بِمِثْلِ مَصَارِعِ الْأَوَّلِينَ وَمَهَالِكِ الْمَاضِينَ ، وَنَوَّعَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مَحَاسِنَ الدِّلَالَاتِ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْمَعَادِ بِوُجُوهٍ ظَاهِرَةٍ وَبَيِّنَاتٍ قَاهِرَةٍ وَبَرَاهِينَ قَاطِعَةٍ وَحُجَجٍ سَاطِعَةٍ ، سَاقَ - سُبْحَانَهُ - تِلْكَ الْقِصَصَ دَلِيلًا حِسِّيًّا عَلَى أَنَّ فِي النَّاسِ الْخَبِيثَ وَالطَّيِّبَ مَعَ الْكَفَالَةِ فِي الدِّلَالَةِ عَلَى تَمَامِ الْقُدْرَةِ وَالْغَيْرَةِ مِنَ الشِّرْكِ عَلَى تِلْكَ الْحَضْرَةِ - بِتَفْصِيلِ أَحْوَالِ مَنْ سَلَفَتْ الْإِشَارَةُ إِلَى إِهْلَاكِهِمْ وَبَيَانِ مَصَارِعِهِمْ وَأَنَّهُ لَمْ تُغْنِ عَنْهُمْ قُوَّتُهُمْ شَيْئًا وَلَا كَثْرَتُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=4وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=34فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً الْآيَةُ. تَسْلِيَةً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَقْوِيَةً لِصَالِحِي أَتْبَاعِهِ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْإِعْرَاضَ عَنِ الْآيَاتِ لَيْسَ مِنْ خَوَاصِّ هَذِهِ الْأُمَّةَ بَلْ هِيَ عَادَةُ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ ، وَعَلَى أَنَّ النِّعَمَ خَاصَّةٌ بِالشَّاكِرِينَ ؛ وَلِذَا كَانَتْ النِّقَمُ مَقْصُورَةً عَلَى الْكَافِرِينَ ، فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=28639_28662_30296_32022_33953_34189_34274_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59لَقَدْ أَرْسَلْنَا أَيْ : بِعَظَمَتِنَا ، وَافْتَتَحَهُ بِحَرْفِ التَّوَقُّعِ لِمَا لِلسَّامِعِ الْفَطِنِ مِنَ التَّشَوُّفِ إِلَى ذِكْرِ مَا تَكَرَّرَ مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَيْهِ ، وَلِأَنَّ اللَّامَ الْمُجَابَ بِهَا الْقَسَمُ الْمَحْذُوفُ لَا يَنْطِقُونَ بِهَا غِالِبًا إِلَّا مُقْتَرِنَةً بِـ : (قَدْ) ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْقَسَمِيَّةَ لَا تُسَاقُ إِلَّا تَأْكِيدًا لِلْجُمْلَةِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهَا الَّتِي هِيَ جَوَابُهَا فَكَانَتْ مَظِنَّةً بِمَعْنَى التَّوَقُّعِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى (قَدْ) عِنْدَ اسْتِمَاعِ الْمُخَاطَبِ كَلِمَةَ الْقَسَمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59نُوحًا يَعْنِي : ابْنَ لَمْكَ بْنِ
[ ص: 426 ] مَتُّوشَلَخَ بْنِ أَخَنُوخَ وَهُوَ
إِدْرِيسُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَكَانَ عِنْدَ الْإِرْسَالِ ابْنَ خَمْسِينَ سَنَةً .
وَلَمَّا كَانَ إِرْسَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ الْقَبَائِلِ بِاخْتِلَافِ اللُّغَاتِ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59إِلَى قَوْمِهِ أَيْ : الَّذِينَ كَانُوا مِلْءَ الْأَرْضِ كَمَا فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ائْتُوا
نُوحًا nindex.php?page=treesubj&link=34020_31828أَوَّلَ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ . وَفِيهِمْ مِنَ الْقُوَّةِ عَلَى الْقِيَامِ بِمَا يُرِيدُونَ مَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ تَأَمَّلَ آثَارَهُمْ وَعَرَفَ أَخْبَارَهُمْ ، فَإِنْ كَانَتْ آثَارَهُمْ فَقَدْ حَصَلَ الْمُرَادُ ، وَإِنْ كَانَتْ لِمَنْ بَعْدَهُمْ عُلِمَ - بِحُكْمِ قِيَاسِ الِاسْتِقْرَارِ - أَنَّهُمْ أَقْوَى عَلَى مِثْلِهَا وَأَعْلَى مِنْهَا ، وَلِسَوْقِ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى مَا ذُكِرَ جَاءَ مُجَرَّدًا عَنْ أَدَوَاتِ الْعَطْفِ ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ مُنَبِّهٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28639جَمِيعَ الرُّسُلِ مُتَطَابَقُونَ عَلَى الدَّعْوَةِ إِلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ بُرْهَانٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالصَّلَاحِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ بُحُورِ الدَّلَائِلِ وَالْحِجَاجِ الْمُتَلَاطِمَةِ الْأَمْوَاجِ - وَاللَّهُ الْهَادِي إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ ، وَكَوْنُ
نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رَسُولًا إِلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ - لِأَنَّهُمْ قَوْمُهُ لِوِحْدَةِ لِسَانِهِمْ - لَا يَقْدَحُ فِي تَخْصِيصِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعُمُومِ الرِّسَالَةِ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْعُمُومِ : إِرْسَالُهُ إِلَى جَمِيعِ الْأَقْوَامِ الْمُخْتَلِفَةِ بِاخْتِلَافِ الْأَلْسُنِ وَإِلَى جَمِيعِ مَنْ يَنُوسُ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ ، وَسَيَأْتِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ .
وَلَمَّا كَانَ مِنَ الْمَقَاصِدِ الْعَظِيمَةِ الْإِعْلَامُ بِأَنَّ الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ هَذَا
[ ص: 427 ] الرَّسُولُ لَمْ تَزَلْ الرُّسُلُ - عَلَى جَمِيعِهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَالتَّحِيَّةِ وَالْإِكْرَامِ - تَدْعُو إِلَيْهِ ، وَكَانَ
نُوحٌ أَوَّلَ رَسُولٍ ذُكِرَتْ رِسَالَتُهُ عَقِبَ ذِكْرِ إِرْسَالِهِ بِذِكْرِ مَا أُرْسِلَ بِهِ بِالْفَاءِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59فَقَالَ يَا قَوْمِ أَيْ : فَتَحَبَّبَ إِلَيْهِمْ بِهَذِهِ الْإِضَافَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59اعْبُدُوا اللَّهَ أَيْ : الَّذِي لَهُ جَمِيعُ الْعَظَمَةِ مِنَ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ ؛ فَإِنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ وَقَدْ كَلَّفَ عِبَادَهُ بِهِ .
وَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ إِفْرَادَهُ بِذَلِكَ ، عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ مُؤَكِّدًا لَهُ بِإِثْبَاتِ الْجَارِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59مَا لَكُمْ وَأَغْرَقَ فِي النَّفْيِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ مُعَلِّلًا أَوْ مُسْتَأْنِفًا مُخَوِّفًا مُؤَكِّدًا لِأَجْلِ تَكْذِيبِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَلَعَلَّهُ قَالَ هُنَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ وَفِي (
هُودٍ ) :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=26أَلِيمٍ وَقَالَ فِي (الْمُؤْمِنُونَ) :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23أَفَلا تَتَّقُونَ لِأَنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ الثَّلَاثِ - وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ بِاجْتِهَادِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَلَعَلَّهُ جَاءَ عَلَى تَرْتِيبِهَا فِي النُّزُولِ ، لِأَنَّهَا مَكِّيَّاتٌ ، وَعَلَى تَرْتِيبِ مَقَالِ
نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَهُمْ فَأَلَانَ لَهُمْ أَوَّلًا الْمَقَالَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أَوْهَمَ أَنَّ الْعِظَمَ الْمَوْصُوفَ بِهِ " الْيَوْمَ " لَا بِسَبَبِ الْعَذَابِ بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ ، فَيَصِيرُ الْعَذَابُ مُطْلَقًا يَتَنَاوَلُ أَيَّ : عَذَابٍ كَانَ وَلَوْ قَلَّ ، فَلَمَّا تَمَادَى تَكْذِيبُهُمْ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ عِظَمَهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ إِيلَامِ الْعَذَابِ الْوَاقِعِ فِيهِ ، فَلَمَّا لَجُّوا فِي عُتُوِّهِمْ قَالَ لَهُمْ قَوْلَ الْقَادِرِ إِذَا هَدَّدَ عِنْدَ مُخَالَفَةِ غَيْرِهِ لَهُ :
[ ص: 428 ] أَلَّا تَفْعَلَ مَا أَقُولُ لَكَ؟ أَيٌّ مَتَى خَالَفْتَ بَعْدَ هَذَا عَاجَلْتُكَ بِالْعِقَابِ وَأَنْتَ تَعْرِفُ قُدْرَتِي .