الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2298 [ ص: 272 ] (باب إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها)

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب يذكر فيه إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد التعريف بسنة فهي أي اللقطة لمن وجدها ، وهو بعمومه يتناول الواجد الغني والفقير ، وهذا خلاف مذهب الجمهور ، فإن عندهم إذا كانت العين موجودة يجب الرد ، وإن كانت استهلكت يجب البدل ، ولم يخالفهم في ذلك إلا الكرابيسي من أصحاب الشافعي وداود الظاهري ووافقهما البخاري في ذلك ، واحتجوا في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الباب : فإن جاء صاحبها ، وإلا فشأنك بها ، وهذا تفويض إلى اختياره ، واحتجوا أيضا بما رواه سعيد بن منصور في حديث زيد بن خالد عن الدراوردي عن ربيعة بلفظ : وإلا فتصنع بها ما تصنع بمالك ، ومن حجة الجمهور قوله في حديث الباب السابق : " وكانت وديعة عنده " وقوله في رواية بشر بن سعيد ، عن زيد بن خالد : فاعرف عفاصها ووكاءها ، ثم كلها ، فإن جاء صاحبها فأدها إليه ، فإن ظاهر قوله : " فإن جاء صاحبها " إلى آخره بعد قوله : " كلها " يقتضي وجوب ردها بعد أكلها فيحمل على رد البدل ، وقال ابن بطال : إذا جاء صاحب اللقطة بعد الحول لزم ملتقطها أن يردها إليه ، وعلى هذا إجماع أئمة الفتوى ، وزعم بعض من نسب نفسه إلى العلم أنها لا تؤدى إليه بعد الحول استدلالا بقوله صلى الله عليه وسلم : فشأنك بها ، قال : فهذا يدل على ملكها ، قال : وهذا القول يؤدي إلى تناقض السنن إذ قال : فأدها إليه ، قلت : قوله : " فأدها إليه " دليل على أنه إذا استنفقها أو تلفت عنده بعد التملك أنه يضمنها لصاحبها ، إذا جاء ويدل عليه أيضا قوله في رواية بشر بن سعيد ، عن زيد : ثم كلها ، فإن جاء صاحبها فأدها ، أمره بأدائها بعد الهلاك إذا كان قد يملكها ، أما إذا أتلفت عنده بغير تفريط منه ، فإنه لا يضمنها لصاحبها إذا جاء; لأن يده عليها يد أمانة فصارت كالوديعة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية