الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 80 ] فصل في حكمه صلى الله عليه وسلم في الوفاء بالعهد لعدوه وفي رسلهم ، أن لا يقتلوا ولا يحبسوا ، وفي النبذ إلى من عاهده على سواء إذا خاف منه نقض العهد

ثبت عنه أنه قال لرسولي مسيلمة الكذاب لما قالا : نقول إنه رسول الله : ( لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما ) .

وثبت عنه أنه ( قال لأبي رافع ، وقد أرسلته إليه قريش ، فأراد المقام عنده ، وأنه لا يرجع إليهم ، فقال : إني لا أخيس بالعهد ، ولا أحبس البرد ، ولكن ارجع إلى قومك ، فإن كان في نفسك الذي فيها الآن فارجع ) .

وثبت عنه أنه ( رد إليهم أبا جندل للعهد الذي كان بينه وبينهم أن يرد إليهم من جاءه منهم مسلما ) ولم يرد النساء ، وجاءت سبيعة الأسلمية مسلمة ، فخرج زوجها في طلبها فأنزل الله عز وجل : ( ياأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار ) الآية [ الممتحنة : 10 ] ، فاستحلفها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يخرجها إلا الرغبة في الإسلام ، وأنها لم تخرج لحدث أحدثته في قومها ، ولا بغضا لزوجها ، فحلفت ، فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها مهرها ، ولم يردها عليه . فهذا حكمه الموافق لحكم الله ، ولم يجئ شيء ينسخه البتة . ومن زعم أنه منسوخ ، فليس [ ص: 81 ] بيده إلا الدعوى المجردة ، وقد تقدم بيان ذلك في قصة الحديبية .

وقال تعالى : ( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين ) [ الأنفال : 58 ] .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدا ، ولا يشدنه حتى يمضي أمده ، أو ينبذ إليهم على سواء ) ، قال الترمذي : حديث حسن صحيح .

( ولما أسرت قريش حذيفة بن اليمان وأباه أطلقوهما ، وعاهدوهما أن لا يقاتلاهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا خارجين إلى بدر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انصرفا ، نفي لهم بعهدهم ، ونستعين الله عليهم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية