الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ ص: 88 ] الموطن السادس يقع الخبر الموجب به موقع الأمر وبالعكس فمن الأول قوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن } أي ليرضعن ، ولا يصح أن يكون خبرا ; لأن الرضاع في الواقع قد يكون أقل أو أكثر منه ، ومنه قوله : { هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله } ثم قال : { يغفر لكم } والمعنى : آمنوا بالله ورسوله يغفر لكم ، هكذا جعل النحاة يغفر جوابا ل { تؤمنون } ; لوقوعه موقع آمنوا ، ولا يصح أن يكون جوابا ل { هل أدلكم } على حد قوله : هل تأتيني أكرمك ; لأن المغفرة لا تجب بالدلالة ، وإنما تجب بالإيمان ، وقوله { لا يمسه إلا المطهرون } وقيل : إنه نهي مجزوم ، ولكن ضمت السين إتباعا للضمير ، كقوله صلى الله عليه وسلم ومن الثاني قوله تعالى : { فليمدد له الرحمن مدا } المعنى : مد . وقولهم في التعجب : أحسن بزيد ، كقوله : { أسمع بهم وأبصر } أي ما أسمعهم وأبصرهم ، وقوله : { لا يمسه إلا المطهرون } قيل : إنه خبر منفي واقع موقع النهي ، هذا هو المشهور .

                                                      ومنع القاضي أبو بكر والسهيلي ورود الخبر مرادا به الأمر ، وقال : هو باق على خبريته ، ولا يلزم الخلف بالنسبة إلى العصاة ، فإنه خبر عن حكم الشرع أي أن حكمهن أن يجب أو يشرع رضاعهن أو عليهن الرضاعة والمشهور الأول ، بل قيل : إنه أبلغ من الأمر المحض . إذا علمت هذا ، وورد الخبر مرادا به الأمر ، فهل يترتب عليه ما يترتب على الأمر من الوجوب إذا قلنا : الأمر للوجوب ؟ أو يكون مخصوصا بالصيغة [ ص: 89 ] المعينة التي هي صيغة افعل ؟ قال ابن دقيق العيد في شرح العنوان " : فيه نظر . قلت : المنقول عندنا هو الأول ، كذا رأيت التصريح به في كتاب القفال الشاشي وقد سبقت المسألة في باب الأمر .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية