الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        46 46 - مالك ، عن نافع ؛ أن عبد الله بن عمر كان يقول : إن كان الرجال والنساء ، في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليتوضئون جميعا .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        1687 - في هذا الحديث دليل واضح على إبطال قول من قال : لا يتوضأ بفضل المرأة ، لأنه معلوم إذا اغترفا جميعا من إناء واحد ، كما جاء من غير [ ص: 127 ] رواية مالك ، وقد رواه هشام بن عمار عن مالك كذلك ، فكل واحد منهما متوضئ بفضل صاحبه .

                                                                                                                        1688 - وقد صح عن عائشة أنها قالت : " كنت أتوضأ أنا ورسول الله من إناء واحد من الجنابة " .

                                                                                                                        [ ص: 128 ] 1689 - والأصل في الماء الطهارة ، لأن الله قد جعله طهورا ، فهو كذلك حتى يجمع المسلمون أنه نجس بما دخله ، والمؤمن لا نجاسة فيه ، والنجاسة فيه أعراض داخلة ، والمرأة في ذلك كالرجل إذا سلما مما يعرض من النجاسات .

                                                                                                                        1690 - وللعلماء في هذه المسألة خمسة أقوال :

                                                                                                                        1691 - ( أحدها ) : الكراهية لأن يتطهر الرجل بفضل المرأة .

                                                                                                                        1692 - ( والثاني ) : أن تتطهر المرأة بفضل وضوء الرجل .

                                                                                                                        1693 - ( والثالث ) : أنهما إذا شرعا جميعا في التطهر فلا بأس به . وإذا خلت المرأة بالطهور فلا خير في أن يتطهر بفضل طهورها .

                                                                                                                        1694 - ( والرابع ) : أنه لا بأس أن يتطهر كل واحد منهما بفضل طهور صاحبه ما لم يكن الرجل جنبا ، والمرأة حائضا أو جنبا ، وهو قول ابن عمر .

                                                                                                                        [ ص: 129 ] 1695 - والذي عليه جماعة فقهاء الأمصار : أنه لا بأس بفضل وضوء المرأة وسؤرها ، حائضا كانت أو جنبا ، خلت به أو شرعا معا .

                                                                                                                        1696 - إلا أحمد بن حنبل ، فإنه قال : إذا خلت المرأة بالطهور فلا يتوضأ منه الرجل ، إنما الذي رخص فيه أن يتوضآ جميعا .

                                                                                                                        1697 - وذكر حديث الحكم بن عمرو الغفاري : حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا أبي ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثنا شعبة ، قال حدثنا عاصم ، الأحول عن أبي حاجب ، عن الحكم الغفاري أن النبي - عليه السلام - : " نهى أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة " لا يدري فضل سؤرها أو فضل طهورها .

                                                                                                                        1698 - قال أبو عمر : الآثار في الكراهية في هذا الباب مضطربة لا تقوم بها حجة ، والآثار الصحاح هي الواردة بالإباحة ، مثل حديث ابن عمر هذا ومثل حديث جابر ، وحديث عائشة وغيرهم ، كلهم يقول : إن الرجال كانوا يتطهرون مع النساء جميعا من إناء واحد . وأن عائشة كانت تفعل ذلك وميمونة ، وغيرهما من أزواجه وعلى ذلك جماعة أئمة الفتوى .

                                                                                                                        [ ص: 130 ] 1699 - وقد روي عن ابن عباس أنه سئل عن فضل وضوء المرأة ، فقال : هن ألطف بنانا ، وأطيب ريحا .

                                                                                                                        1700 - وهذا منه جواب بجواز فضلها على كل حال .

                                                                                                                        1701 - وهذا قول زيد بن ثابت ، وجمهور الصحابة ، والتابعين .

                                                                                                                        1702 - إلا أن ابن عمر كره فضل الجنب والحائض .

                                                                                                                        1703 - وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله .




                                                                                                                        الخدمات العلمية