الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ ص: 264 ] فصل :

[ فتاوى في أحكام الرضاع ]

{ وسألته صلى الله عليه وسلم عائشة أم المؤمنين فقالت ; إن أفلح أخا أبي القعيس استأذن علي ، وكانت امرأته أرضعتني ، فقال ائذني له إنه عمك } متفق عليه .

{ وسأله صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال : إني كانت لي امرأة ، فتزوجت عليها أخرى ، فزعمت امرأتي الأولى أنها أرضعت امرأتي الحدثاء رضعة أو رضعتين ، فقال لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان } ذكره مسلم .

{ وسألته سهلة بنت سهيل فقالت : إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال ، وعقل ما عقلوا ، وإنه يدخل علينا ، وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا ، فقال أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة فرجعت فقالت : إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة } ، ذكره مسلم .

فأخذت طائفة من السلف بهذه الفتوى منهم عائشة ، ولم يأخذ بها أكثر أهل العلم ، وقدموا عليها أحاديث توقيت الرضاع المحرم بما قبل الفطام وبالصغر وبالحولين لوجوه ; أحدها : كثرتها وانفراد حديث سالم ، الثاني : أن جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خلا عائشة رضي الله عنهن في شق المنع ، الثالث : أنه أحوط ، الرابع : أن رضاع الكبير لا ينبت لحما ولا ينشر عظما ، فلا تحصل به البعضية التي هي سبب التحريم ، الخامس : أنه يحتمل أن هذا كان مختصا بسالم وحده ، ولهذا لم يجئ ذلك إلا في قصته ، السادس : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة وعندها رجل قاعد ، فاشتد ذلك عليه وغضب ، فقالت : إنه أخي من الرضاعة ، فقال انظرن من إخوانكن من الرضاعة ، فإنما الرضاعة من المجاعة } متفق عليه واللفظ لمسلم ، وفي قصة سالم مسلك آخر ، وهو أن هذا كان موضع حاجة ; فإن سالما كان قد تبناه أبو حذيفة ورباه ، ولم يكن له منه ومن الدخول على أهله بد ، فإذا دعت الحاجة إلى مثل ذلك فالقول به مما يسوغ فيه الاجتهاد ، ولعل هذا المسلك أقوى المسالك ، وإليه كان شيخنا يجنح ، والله أعلم .

{ وسئل صلى الله عليه وسلم أن ينكح ابنة حمزة ، فقال لا تحل لي ; إنها ابنة أخي من الرضاعة ، ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب } ذكره مسلم .

{ وسأله صلى الله عليه وسلم عقبة بن الحارث فقال : تزوجت امرأة ، فجاءت أمة سوداء فقالت : أرضعتكما ، وهي كاذبة ; فأعرض عنه ، فقال : إنها كاذبة ، فقال كيف بها وقد زعمت بأنها [ ص: 265 ] أرضعتكما ؟ دعها عنك ففارقها وأنكحت غيره } ، ذكره مسلم وللدارقطني { دعها عنك فلا خير لك فيها } .

{ وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال : ما يذهب عني مذمة الرضاع ؟ فقال غرة عبد أو أمة } ذكره الترمذي وصححه ، والمذمة - بكسر الذال - من الذمام ، لا من الذم الذي هو نقيض المدح ، والمعنى أن للمرضعة على المرضع حقا وذماما فيذهبه عبد أو أمة فيعطيها إياه .

{ وسئل صلى الله عليه وسلم : ما الذي يجوز من الشهود في الرضاع ؟ فقال : رجل أو امرأة } ذكره أحمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية