الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6070 [ ص: 429 ] 9 - باب: ذهاب الصالحين

                                                                                                                                                                                                                              6434 - حدثني يحيى بن حماد، حدثنا أبو عوانة، عن بيان، عن قيس بن أبي حازم، عن مرداس الأسلمي قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يذهب الصالحون الأول فالأول، ويبقى حفالة كحفالة الشعير أو التمر لا يباليهم الله بالة". قال أبو عبد الله: يقال: حفالة وحثالة. [انظر: 4156 - فتح: 11 \ 251].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث مرداس الأسلمي - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يذهب الصالحون الأول فالأول، ويبقى حفالة كحفالة الشعير أو التمر لا يباليهم الله بالة". قال أبو عبد الله: يقال: حفالة وحثالة.

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              سلف في المغازي.

                                                                                                                                                                                                                              ومرداس هذا هو ابن مالك، عداده في الكوفيين، شهد الحديبية، وفي الصحابة مرداس (سبعة) سواه.

                                                                                                                                                                                                                              والحفالة، والحثالة: الرذالة من كل شيء، وهي سفلة الناس، وقيل: هي آخر ما يبقى من الشعير، أو التمر وأردؤه، وأصلها في اللغة: ما تساقط من قشور التمر والشعير، (والحشافة)، مثل ذلك، والفاء والثاء يتعاقبان مثل فوم وثوم، وحرث وحرف.

                                                                                                                                                                                                                              وقال الداودي: هو ما يسقط من الشعير عند الغربلة، وما يبقى من التمر عندما يؤكل، وإنما شك المحدث: أي الكلمتين قال؟

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 430 ] وقوله: "لا يباليهم الله بالة" قال الخطابي: أي لا يرفع لهم قدرا، يقال: باليت بالشيء مبالاة، بالية وبالة.

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن بطال: هو مصدر باليت، محذوف منه الياء التي هي لام الفعل، وكان أصله بالية، فكرهوا (ما) قبلها كسرة لكثرة استعمال هذه اللفظة في نفي كل ما لا يحفل به، وتقول العرب أيضا في مصدر باليت: مبالاة، كما تقول: بالة.

                                                                                                                                                                                                                              وقال الشيخ أبو الحسن: سمعته بالة في الوقف، ولا أدري كيف هو في الإدراج، قال: وهو بالية بالاة، فلعله عنده لما وقف عليه اجتمع ساكنان، فحذف أحدهما، وهذا غير بين; لأنك تقول: معافاة، ومراماة، ولو وقفت عليه كما الجمع بين الساكنين في الوقف جائز، والصحيح ما ذكره الخطابي.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن التين: ولو علم الشيخ أبو الحسن أن مصدره وقع فيه: بالة ما افتقر إلى اعتذار، ولا إلى غيره.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وذهاب الصالحين من أشراط الساعة، إلا أنه إذا بقي في الناس حفالة كحفالة الشعير أو التمر، فذلك إنذار بقيام الساعة وفناء الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                              وهذا الحديث معناه: الترغيب في الاقتداء بالصالحين، والتحذير من مخالفة طريقهم; خشية أن يكون من خالفهم ممن لا يباليه الله ولا يعبأ به.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 431 ] قال الداودي: وهذا على التكثير، ولا تخلو الأرض من قائم لله بالحجة، فمنهم الراسخون في العلم، قال: والذي جاء في حديث آخر: "يكون في آخر الزمان قوم، المتمسك منهم بدينه كالقابض على الجمر، للعامل منهم أجر خمسين منكم"، قيل: بل منهم يا رسول الله؟ كالمستفهمين، قال: "بل منكم"، معناه: إن صح في العمل فللصحابة فضل الصحبة، وفوق ذلك كله; لقوله - عليه السلام -: "لو أنفق أحدكم ملء الأرض ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه".




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية