الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1285 ) مسألة : قال : ( وإن قال اليوم أخرج ، وغدا أخرج . قصر ، وإن أقام شهرا ) وجملة ذلك أن من لم يجمع الإقامة مدة تزيد على إحدى وعشرين صلاة ، فله القصر ، ولو أقام سنين ، مثل أن يقيم لقضاء حاجة يرجو نجاحها ، أو لجهاد عدو ، أو حبسه سلطان أو مرض ، وسواء غلب على ظنه انقضاء الحاجة في مدة يسيرة ، أو كثيرة ، بعد أن يحتمل انقضاؤها في المدة التي لا تقطع حكم السفر .

                                                                                                                                            قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم أن للمسافر أن يقصر ما لم يجمع إقامة ، وإن أتى عليه سنون . وقد روى ابن عباس ، قال { : أقام النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره تسع عشرة يصلي ركعتين . } رواه البخاري . وقال جابر : { أقام النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك عشرين يوما يقصر الصلاة } . رواه الإمام أحمد في " مسنده " . وفي حديث عمران بن حصين ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام [ ص: 68 ] بمكة ثماني عشرة لا يصلي إلا ركعتين } رواه أبو داود .

                                                                                                                                            وروي عن عبد الرحمن بن المسور ، عن أبيه ، قال : أقمنا مع سعد بعمان أو سلمان ، فكان يصلي ركعتين ، ويصلي أربعا ، فذكرنا ذلك له . فقال : نحن أعلم رواه الأثرم .

                                                                                                                                            وروى سعيد ، بإسناده عن المسور بن مخرمة ، قال : أقمنا مع سعد ببعض قرى الشام أربعين ليلة يقصرها سعد ، ونتمها . وقال نافع : أقام ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يصلي ركعتين ، وقد حال الثلج بينه وبين الدخول . وعن حفص بن عبد الله : أن أنس بن مالك أقام بالشام سنتين يصلي صلاة المسافر . وقال أنس : أقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم برامهرمز سبعة أشهر يقصرون الصلاة .

                                                                                                                                            وعن الحسن ، عن عبد الرحمن بن سمرة ، قال : أقمت معه سنتين بكابل يقصر الصلاة ، ولا يجمع . وقال إبراهيم : كانوا يقيمون بالري السنة وأكثر من ذلك ، وبسجستان السنتين ، يجمعون ولا يصومون ، وقد ذكرنا عن علي رضي الله عنه أنه قال : ويقصر إذا قال : اليوم أخرج ، غدا أخرج - شهرا . وهذا مثل قول الخرقي ، ولعل الخرقي - رحمه الله - إنما قال ذلك اقتداء به ، ولم يرد أن نهاية القصر إلى شهر ، وإنما أراد أنه لا نهاية للقصر ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية