الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            10141 وعن أبي هريرة قال : جاء الحارث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ناصفنا تمر المدينة ، وإلا ملأتها عليك خيلا ورجالا ، فقال : " حتى أستأمر السعود : سعد بن عبادة ، وسعد بن معاذ " يعني : يشاورهما ، فقالا : لا والله ، ما أعطينا الدنية من أنفسنا في الجاهلية ، فكيف وقد جاء الله بالإسلام ؟ ! فرجع إلى الحارث فأخبره ، فقال : غدرت يا محمد ، قال : فقال حسان :


                                                                                            يا حار من يغدر بذمة جاره منكم فإن محمدا لا يغدر     إن تغدروا فالغدر من عاداتكم
                                                                                            واللؤم ينبت في أصول السخبر     وأمانة النهدي حين لقيتها
                                                                                            مثل الزجاجة صدعها لا يجبر



                                                                                            قال : فقال الحارث : كف عنا يا محمد لسان حسان ، فلو مزج به ماء البحر لمزج
                                                                                            .

                                                                                            رواه البزار ، والطبراني .

                                                                                            ولفظه : عن أبي هريرة قال : جاء الحارث الغطفاني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا محمد ، شاطرنا تمر المدينة ، فقال : " حتى أستأمر السعود " ، فبعث إلى سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة ، وسعد بن الربيع ، وسعد بن خيثمة ، وسعد بن مسعود ، فقال : " إني قد علمت أن العرب قد رمتكم عن قوس واحدة ، وإن الحارث سألكم تشاطروه تمر المدينة ، فإن أردتم أن تدفعوه عامكم هذا في أمركم بعد ؟ " . فقالوا : يا رسول الله ، أوحي من السماء فالتسليم لأمر الله ، أو عن رأيك وهواك ؟ فرأينا نتبع هواك ورأيك ؟ فإن كنت إنما تريد الإبقاء علينا ، فوالله لقد رأيتنا وإياهم على سواء ، ما ينالون منا تمرة إلا شراء أو قرى ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " هو ذا ، تسمعون ما يقولون ؟ " ، قالوا : غدرت يا محمد ، فقال حسان بن ثابت - رضى الله عنه :

                                                                                            [ ص: 133 ]

                                                                                            يا حار من يغدر بذمة جاره     منكم فإن محمدا لا يغدر
                                                                                            وأمانة المري حين لقيتها     كسر الزجاجة صدعها لا يجبر
                                                                                            إن تغدروا فالغدر من عاداتكم     واللؤم ينبت في أصول السخبر

                                                                                            .

                                                                                            ورجال البزار والطبراني فيهما محمد بن عمرو ، وحديثه حسن ، وبقية رجاله ثقات .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية