الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين

                                                                                                                                                                                                                                      قال قد وقع عليكم ; أي : وجب وحق ، أو نزل بإصراركم هذا ; بناء على تنزيل المتوقع منزلة الواقع ، كما في قوله تعالى : أتى أمر الله .

                                                                                                                                                                                                                                      من ربكم ; أي : من جهته تعالى ، وتقديم الظرف الأول على الثاني مع أن مبدأ الشيء متقدم على منتهاه ; للمسارعة إلى بيان إصابة المكروه لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وكذا تقديمهما على الفاعل الذي هو قوله تعالى : رجس مع ما فيه من التشويق إلى المؤخر ، ولأن فيه نوع طول بما عطف عليه من قوله تعالى : وغضب فربما يخل تقديمهما بتجاوب النظم الكريم .

                                                                                                                                                                                                                                      والرجس : العذاب ، من الارتجاس الذي هو الاضطراب والغضب إرادة الانتقام ، وتنوينهما للتفخيم والتهويل .

                                                                                                                                                                                                                                      أتجادلونني في أسماء عارية عن المسمى .

                                                                                                                                                                                                                                      سميتموها ; أي : سميتم بها .

                                                                                                                                                                                                                                      أنتم وآباؤكم إنكار واستقباح لإنكارهم مجيئه عليه السلام ، داعيا لهم إلى عبادة الله تعالى وحده وترك [ ص: 240 ] عبادة الأصنام ; أي : أتجادلونني في أشياء سميتموها آلهة ، ليست هي إلا محض الأسماء من غير أن يكون فيها من مصداق الإلهية شيء ما ; لأن المستحق للعبودية بالذات ليس إلا من أوجد الكل ، وأنها لو استحقت لكان ذلك بجعله تعالى ، إما بإنزال آية ، أو نصب حجة ، وكلاهما مستحيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وذلك قوله تعالى : ما نزل الله بها من سلطان وإذ ليس ذلك في حيز الإمكان تحقق بطلان ما هم عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      فانتظروا مترتب على قوله تعالى : " قد وقع عليكم " ; أي : فانتظروا ما تطلبونه بقولكم : " فأتنا بما تعدنا ... " إلخ .

                                                                                                                                                                                                                                      إني معكم من المنتظرين لما يحل بكم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية